ما يمنع حصول الملاك. وكلّ هذه الوجوه لا يمكن أن تكون مراد الشيخ ، لأنّ المقتضي التكويني لا أثر له في الحكم لما بيّنا أنّه لا يؤثّر في الحكم إلّا إرادة الشارع المقدّس ، فالتكوينيات لا أثر لها في الأحكام ، مع اقتضائه الاختصاص بالوجوديّات والشيخ يجريه في العدميّات أيضا.
والموضوع لا بدّ من إحرازه لكن لاتّحاد القضيّة المشكوكة مع المتيقّنة لا من جهة كونه مقتضيا ، ولذا يشترطه غير الشيخ أيضا.
والملاك والمصلحة لا نعلم بها وببقائها ولا يعلم الشيخ أيضا بذلك لعدم علم الغيب ، مع أنّا لو علمنا بوجود الملاك فلا حاجة إلى الاستصحاب حينئذ ، لأنّ ثبوت الملاك ملازم لثبوت الحكم الشرعي قطعا حينئذ ، مع أنّ أخذ المقتضي بهذا المعنى يوجب أن لا يجري الاستصحاب إلّا في الأحكام ، ويلزم أن يختصّ جريانه عند العدليّة القائلين بوجود ملاك للحكم ، مضافا إلى أنّ الملاك ليس هو المقتضي للحكم وإنّما هو المحرك لإرادة المولى الّتي هي المقتضي للحكم الشرعي.
فليس مراد الشيخ من المقتضي أحد هذه الامور الثلاثة وإنّما مراده من المقتضي كما يظهر من المكاسب في خيار الغبن (١) أمرا آخر يظهر أيضا من المحقّق السبزواري (٢) والشيخ الأنصاري تبعه في ذلك ، ومرادهما قدسسرهما يتوقّف على بيان أمر هو : أنّ الحكم الشرعي وكذا الموضوع الخارجي ذي الحكم إمّا أن يكون مغيّا بغاية كما في قوله : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)(٣) أو مرسل بحيث علم عدم كونه مغيّا بل علم كونه يبقى لو خلّي وطبعه ، بحيث لا يكون شيء متبدّلا عن وضعه السابق وليس إلّا مرور الزمان ، بحيث إنّ الموجودات من الزمانيّات لم تبدل بالعدم
__________________
(١) انظر المكاسب ٥ : ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
(٢) لم نقف عليه.
(٣) البقرة : ١٨٧.