وأمّا إذا كانت الشبهة حكميّة كما إذا لم نعلم أنّ غاية وقت أداء المغرب والعشاء هو نصف الليل أو طلوع الفجر من جهة تعارض الأدلّة وإن علمنا بحرمة التأخير عن نصف الليل ، وهذا أيضا يلحق بالشكّ في المقتضي ، ووجهه وجه الأوّل.
وأمّا إذا كانت الشبهة بحسب الموضوع نظير أنّه لم يعلم أنّ الشمس طلعت فانتهى وقت صلاة الصبح أو لم تطلع فالوقت باق ، فهنا إذا جرى الاستصحاب في التدريجيّات يجري هنا وإلّا فلا ، والشيخ يجريه (١).
فتلخّص أنّ الشيخ يجري الاستصحاب فيما إذا شكّ في الرافع وفي المغيّا إذا كانت الشبهة موضوعيّة.
ومن هنا يتّضح لك أنّ ما اورد على الشيخ في المكاسب في بعض موارد تمسّكه بالاستصحاب من أنّه من قبيل الشكّ في المقتضي ناشئ من عدم معرفة مراده من المقتضي ، كما في المعاطاة (٢) إذا شكّ في لزومها فاستصحاب الملكيّة ليس من موارد الشكّ في المقتضي ، لأنّ الملكيّة فيها اقتضاء البقاء لو لا الرافع وهو الفسخ ، وليس غير هذا المورد من الموارد للاستصحاب عنده قدسسره كخيار الغبن وغيره ، لأنّ خيار الغبن لم يعلم كونه مرسلا أو مغيّا بغاية ، ولذا منع الشيخ الأنصاري عن جريان الاستصحاب فيها (٣).
وقد استدلّ الشيخ قدسسره على مدّعاه بأنّه ليس معنى النهي عن نقض اليقين النهي عن نقضه بما أنّه صفة نفسانيّة ، لأنّ اليقين بالنظر إلى الاستمرار منتقض قطعا ، ومع قطع النظر عن الاستمرار باق قطعا ، كما أنّه ليس المراد عدم نقض اليقين بما له من الأحكام ، ضرورة ندرة أحكام اليقين في الشريعة فلا تليق بها هذه الأخبار على
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٣ : ٢٠٥.
(٢) انظر المكاسب ٣ : ٥١ ـ ٥٢.
(٣) انظر المكاسب ٣ : ١٦٤.