كثرتها ، بل المراد عدم نقض اليقين بما له من الجرى العملي ، فإنّ الإنسان إذا حصل له اليقين يجري على طبق يقينه ، فإن كان يقينا بأمر ينفعه يعمله وإن كان بأمر يضرّه يجتنبه ، فكلّ يقين له جري عملي على طبقه (١).
وليس قول الشيخ مبنيّا على أن يكون المراد من اليقين المتيقّن كما زعمه الآخوند قدسسره (٢) ليرد عليه ما ذكره ، بل المراد عدم نقض اليقين بماله من الجري العملي بالشكّ ، فإنّ اليقين بشيء تارة يكون بنحو يقطع باستمراره لو لا الرافع ، كما في اليقين بالزوجيّة الدائمة فصفة اليقين بها ممّا يبقى لو علم عدم الرافع فإنّها إنّما ترتفع بالفسخ أو الطلاق أو موت أحدهما ، واخرى يكون بنحو نفس مرور الزمان كافل بانتفائه كالزوجيّة المنقطعة فإنّها ممّا تنتهي بانقضاء المدّة ، فلو شكّ في كون الزوجيّة دائمة أم منقطعة لا يجري الاستصحاب على رأي الشيخ (٣) بخلاف ما إذا علم دوامها وشكّ في الرافع.
فاليقين تارة يكون ممّا له دوام واستمرار واخرى لا يكون كذلك ، وحيث إنّ الإمام عبّر بالنقض فيلزم أن يكون اليقين بنحو لو لا هذا الشكّ لاستمرّ حكمه. وهذا إنّما يكون حيث يحرز المقتضي لبقاء الحكم كأن يكون الحكم مرسلا وغير مغيّا بغاية ، إذ لو لم يكن مرسلا بل كان مغيّا فهنا لا اقتضاء لبقاء الحكم فلا يصدق على عدم العمل بالحكم أنّه نقض. وكذا إذا كان مهملا إذ لم يحرز اقتضاؤه الاستمرار في عمود الزمان لو لا الشكّ ، فلا يكون ترك العمل نقضا ، فقوله عليهالسلام : «لا تنقض» يختصّ بصورة يكون ترك العمل نقضا للأمر المستحكم ، وهو صورة الشكّ في وجود الرافع أو في رافعيّة الموجود أو الشكّ في الموضوع الخارجي للغاية لأنّه يؤول إلى كونه شكّا في رافعيّة الموجود أيضا.
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٣ : ١٦٠.
(٢) انظر الكفاية : ٤٤٤.
(٣) انظر كتاب النكاح للشيخ الأنصاري : ٢١١ ـ ٢١٣.