العقل ، وحينئذ فيرتفع حكم الشارع الثابت من باب الملازمة لارتفاع حكم العقل الّذي به ثبت حكم الشرع للملازمة ، وحينئذ فالالتزام ببقاء حكم الشرع حينئذ إثبات لحكم جديد لا إبقاء للحكم السابق فلا يجري الاستصحاب لذلك.
نعم ، لو بنينا على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي لجرى في المقام.
وقد ناقشه الميرزا النائيني قدسسره في كلتا المقدّمتين :
أمّا في الاولى فبأنّه يمكن أن يدرك العقل ملاكا في شيء ذي خصوصيّات من باب أنّ القدر المتيقّن وجدان الملاك فيه إذا حوى هذه الخصوصيّات ، فمع فقدها لا يقطع بالحكم حينئذ لعدم قطعه بالملاك لا أنّه يقطع بعدمه ، لأنّ قطعه بعدمه موقوف على أن يقطع بالملاك الشرعي عند وجدان الخصوصيّات وبعدمه عند فقدان بعضها ولكنّه في المقام ليس كذلك (١).
أقول : لا يخفى أنّ ما ذكره الميرزا غير وارد على الشيخ ، لأنّ مراد الشيخ ليس إدراك العقل ملاك الحكم الشرعي حتّى يتوجّه عليه ما ذكره ، لأنّ هذا ليس حكما عقليّا وإنّما هو إدراك للملاك فيلزمه إدراك الحكم الشرعي من باب أنّ إدراك اللازم إدراك للملزوم ، وإنّما مراد الشيخ بالحكم العقلي المستقلّات العقليّة الّتي يحكم بها العقل مع قطع النظر عن شرع وشريعة ، كحسن الإحسان والعقاب مع البيان وقبح العدوان والعقاب بلا بيان فإنّها ممّا يستقلّ بها العقل مع قطع النظر عن دين ، وهذا هو الّذي ذكر الشيخ الأنصاري (٢) أنّه وقع محلّا للنزاع في الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع وعدمها.
وحينئذ فلا يرد عليه ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره لأنّه هو الحاكم ابتداء فإمّا أن يحكم بالحسن مثلا أو لا يحكم بالحسن ، ولا يكون حكمه فيه من باب القدر
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٤ : ٣٢٠ ـ ٣٢١.
(٢) انظر الفرائد ٣ : ٢١٥ ـ ٢٢٢ ، والمطارح ٢ : ٣٣٥.