وكذا لا تقوم الاصول الغير المحرزة مقام القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الصفتيّة ، وهو واضح جدّا. وكذا لا يقوم مقام القطع المأخوذ في الموضوع على نحو الكاشفيّة أيضا ، لعدم كونها ناظرة إلى الواقع كما قدّمناه ، وترتيب آثار القطع من التنجيز والإعذار غير تنزيلها منزلته ، فافهم.
بقي الكلام فيما ذكره الآخوند قدسسره من جواز أخذ القطع بحكم في مرتبة من مراتبه في موضوع نفس ذلك الحكم في مرتبة اخرى (١) وذلك فيما لم يكن الحكم فعليا من جميع الجهات بأن يقال : إذا قطعت بوجوب التصدّق إنشاء يجب عليك ذلك الوجوب الإنشائي فعلا ، أو يجب عليك التصدّق وجوبا آخر ، أو يحرم عليك التصدّق فعلا.
ولا يخفى عليك أنّ هذا الكلام منه قدسسره مبنيّ على أنّ الحكم له مراتب أو مرتبتان ، وأمّا إذا قلنا : إنّ الحكم ليس له إلّا مرتبة جعل ومرتبة مجعول ، فهل يمكن حينئذ أن يؤخذ القطع بمرتبة الجعل في موضوع الحكم بمرتبة المجعول؟ الظاهر أنّه لا يمكن ذلك ، لأنّ الحكم المقطوع به إن كان القاطع من أفراده لزم محذور الدور ، إذ القطع به يقتضي تحقّقه وإن لم يحصل القطع به. وأخذ القطع موضوعا معناه توقّف الحكم على حصول القطع ، وإن لم يكن القاطع ممّن يشملهم الحكم المقطوع كان من أخذ القطع في موضوع حكم آخر وهو جائز كما تقدّم ، لأنّ بالقطع بمرتبة الجعل يحصل موضوع حكم مرتبة المجعول فيترتّب حكم المجعول الأصلي لوصوله إلى مرتبة الفعليّة حينئذ ، فافهم.
نعم ، يمكن أن يقال : إذا قطعت بصدور الأمر الامتحانيّ من المولى يجب عليك التصدّق بدرهم ، إلّا أنّ هذا خارج عن محلّ الكلام ، لأنّ الأمر الامتحاني ليس حكما ، فلا يعدّ من مراتب الحكم ، فافهم.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٠٧.