فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ الشرطيّة والسببيّة لنفس الحكم كالشرطيّة والسببيّة للمأمور به مجعولة عند الشارع ، لأنّها عبارة عن اعتبار شيء موضوعا للحكم ، أو اعتبار شيء في المأمور به بنحو الشرطيّة أو الشطريّة ، أو عبارة عن اعتبار عدم شيء في المأمور به كما في المانعيّة ، أو اعتبار عدم شيء موضوعا للحكم الوجوبي كالحائض بالنسبة إلى وجوب الصلاة ، كما أنّه ظهر ممّا تقدّم أنّها من الأحكام الوضعيّة المجعولة تبعا لمنشا انتزاعها وأنّها ليس لها وجود وجعل استقلالي ، وإنّما جعلت تبعا ، فهذا الاعتبار ممّا وجد بنحو الوجود الانتزاعي وجعل الجزئيّة للجزء والشرطيّة للشرط إنّما انتزع من الأمر بمركّب يتركّب منه ومن غيره أو بمقيّد به ، فهذه الأشياء من الجزئيّة والشرطيّة والسببيّة سواء كانت للوجوب أو للواجب مجعولة بتبع جعل منشأ انتزاعها لا أنّها مجعولة استقلالا. وما ذكره الآخوند مسلّم في شرط نفس الاعتبار ، وليس لنا كلام فيه. وكلامه قدسسره في الواجب المشروط وفي الشرط المتأخّر وفي المقام مبنيّ على إرادة السبب التكويني والشرط التكويني وليس الكلام فيها كما ذكرنا.
وهناك قسم آخر من الأحكام الوضعيّة نظير الزوجيّة والرقيّة والحريّة والملكيّة وغيرها ، وهذا القسم كما هو قابل للجعل التبعي كذلك قابل للجعل الاستقلالي.
فالالتزام بكونه مجعولا بتبع تكليف التزام بلا ملزم ، ولا داعي إليه أوّلا.
وثانيا : أنّه خلاف ظاهر الأدلّة ، لأنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «لا يجوز التصرّف في مال الغير إلّا بإذنه» (١) ، ظاهر في كونه حكما من أحكام الملكيّة ، وكذا قوله : يجوز للانسان وطي زوجته ، حكم من أحكام الزوجيّة ، وكذا بقيّة الأحكام ، فإنّ ظاهرها سبق الجعل وكون الملكيّة مثلا مجعولة قبلها وأنّ هذا حكما من أحكامها.
__________________
(١) انظر الوسائل ٦ : ٣٧٧ ، الباب ٣ من أبواب الأنفال ، الحديث ٦ : «فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه».