ولا يخفى عليك أنّها لا ظهور لها في ذلك لو لم يدع ظهورها في التعميم بقوله : «فإنّ اليقين لا يدفع بالشكّ» وكون مورد بعضها هو ذلك لا يقتضي الجمود عليه ، فإنّ المورد لا يخصّص الوارد ، فافهم وتأمّل.
وممّا رتّبنا على هذا المطلب من الثمرة هو جواز البدار في غير التيمّم من ذوي الأعذار إذا كان لا يعلم زوال عذره في أثناء الوقت ، فإنّه بناء على جريان استصحاب عجزه لا مانع من بداره ، وهذا بخلاف ما لو لم نبن على جريان مثل هذا الاستصحاب ، فإنّ الواجب عليه تحصيل الصلاة الجامعة للأجزاء والشرائط في تمام الوقت ، وبالعجز حينئذ عنها في بعض الوقت لا يسوغ الإتيان بها ناقصة مع احتمال حصول القدرة في آخر الوقت كما لو علم بالزوال.
وهذا التفصيل بين المتيمّم وغيره عكس التفصيل لصاحب العروة ، لأنّ في خصوص التيمّم أخبار تمنع عن البدار فتحكم على الاستصحاب بخلاف غيره من ذوي الأعذار ، والسيّد قدّم الأخبار المجوّزة للبدار في التيمّم (١) وحمل المانعة على الاستحباب.
ومقتضى القاعدة ما ذكرنا ، فإنّ الأخبار المانعة نصّ في صورة الرجاء لحصول الماء لتعليلها بقوله : «إن فاته الماء لم تفته الأرض» (٢) والأخبار المجوّزة (٣) دلالتهم على جواز البدار في صورة الرجاء بالإطلاق ، فبمقتضى حمل المطلق على المقيّد تخصّ الأخبار المجوّزة للبدار بصورة اليأس.
__________________
ـ الإدراك ، ذكر أنّه يجري الاستصحاب لبقاء الإمام راكعا فيترتّب عليه جواز دخول المأموم في الصلاة ، وهذا صريح في جريان هذا الاستصحاب ، فافهم. (الجواهري). راجع الجواهر ١٣ : ١٤٩.
(١) العروة الوثقى ١ : ٥٠٠ ، فصل في أحكام التيمّم ، المسألة ٣ ، وانظر المستمسك ٤ : ٤٤٢ ـ ٤٤٧.
(٢) الوسائل ٢ : ٩٩٤ ، الباب ٢٢ من أبواب التيمّم ، الحديث ٤.
(٣) المصدر المتقدّم ، الباب ١٤ ، الأخبار.