وأمّا أخذ الظنّ بحكم أو موضوع في موضوع ضدّ ذلك الحكم مثل قولك : إذا ظننت بحرمة الخمر يجب عليك شربه ، أو إذا ظننت بخمريّة شيء يجب عليك شربه ، فقد زعم الآخوند قدسسره إمكانه (١) بزعم أنّ الحكم الواقعي له مرتبة غير مرتبة الحكم الظاهري ، فيمكن أن يكون الظنّ بالحكم الواقعي مأخوذا في الحكم الظاهري ، كما جاز أخذ الشكّ بالحكم الواقعي موضوعا في الحكم الظاهري ، كما في موارد الأحكام الظاهرية فإنّه قد اخذ في موضوعها الشكّ في الحكم الواقعي.
والميرزا النائيني قدسسره زعم استحالة أخذ الظنّ بالحكم الواقعي في موضوع حكم مضادّ له للزوم اجتماع الضدّين (٢) وذلك لأنّ الحكم الواقعي بحرمة الخمر شامل لصورة الظنّ به قطعا ، فإذا جعل وجوب شرب الخمر في صورة الظنّ بالحكم الواقعي لزم اجتماع الضدّين ، ولا ربط للمقام بكون الحكم الواقعي له مرتبة غير مرتبة الحكم الظاهري ، فإنّ المقام فيه حكمان واقعيّان ، غايته أحدهما واقعي أولي والثاني أيضا واقعي ثانوي في صورة الظنّ بالحكم الواقعي الأوّلي ، لا أنّ أحدهما حكم ظاهري والآخر واقعي.
وما ذكر في اجتماع الحكم الظاهري مع الواقعي كما سيأتي : من كون الحكم الظاهري سنخ حكم لا ينافي الحكم الواقعي أصلا ، غير جار في المقام لكون الحكم في المقام واقعي لا ظاهري ، فافهم وتأمّل.
ولا يخفى أنّ ما ذكره الميرزا النائيني في المقام ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه فلا يجوز أخذ ظنّ في حكم في موضوع حكم مضادّ له (إذا كانا واقعيّين ، كما أنّ ما ذكره الآخوند متين إذا كان المظنون واقعيّا والمجعول حال ظنّه بهذا الظنّ الغير المعتبر ظاهريّا) (٣) ، فافهم.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٠٧.
(٢) فوائد الاصول ٢ : ٣٢.
(٣) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.