ومن هنا ظهر أنّ قياس الميرزا النائيني (١) الظنّ على القطع في جميع الأحكام لا يخلو من نظر ، إذا اجتماع المثلين في نظر القاطع محال ، إلّا أنّه في الظنّ لا يلزم اجتماع المثلين ، إذ احتمال الخلاف موجود في الظانّ ، وإن كان غير معتبر عند الشارع إلّا أن يقال : إن احتمال اجتماع المثلين غير ممكن أيضا. والالتزام بالتأكّد يقتضي جوازه في صورة القطع ، ولا يلتزم الميرزا النائيني بالتأكّد في القطع فالظنّ مثله ، فافهم. وهذا لا يفرق فيه بين كونه تمام الموضوع أو جزءه.
وإن كان الظنّ غير معتبر فأخذه في موضوع حكم مضادّ لحكم متعلّقه بنحو تمام الموضوع ممكن ، مثل ما إذا كان قيام الظنّ القياسي بحرمة شيء مثلا يوجب فيه مصلحة ، أو قيام الظنّ الاستقرائي بحرمة التتن مثلا توجب فيه مصلحة تقتضي إيجابه مثلا فيقول : إذا قام الظنّ القياسي على حرمة التتن فهو واجب ، أو على وجوب الصدقة فهي حرام مثلا.
وأمّا أخذه في موضوع حكم مماثل مثل قوله : إذا ظننت بوجوب الصلاة يجب عليك الصلاة ، فإنّ كان الظنّ تمام الموضوع أيضا فهو ممكن أيضا. وإن كان جزء الموضوع فربّما يقال بعدم إمكانه ، لأنّ الحكم الّذي لا يعقل أن يصل إلى مرتبة الفعليّة فجعله مستحيل ، وإنّما لا يصل هذا إلى مرتبة الفعليّة ، لأنّ الجزء الثاني هو كونه كذلك في الواقع ، ولا يمكن إحراز كونه كذلك في الواقع ، لأنّ إحرازه إمّا بالظنّ والمفروض أنّه غير معتبر ، وإمّا بالقطع وحينئذ يخرج عن كونه ظانّا لأنّ القطع لا يجتمع مع الظنّ. وجوابه أنّه يمكن أن يكون هناك طريق لا يفيد الظنّ قد جعله الشارع حجّة كاليد مثلا أو الاستصحاب ، ومع ذلك يتعلّق به ظنّ غير معتبر فيكون مظنونا. وحينئذ فيحرز كونه كذلك واقعا بذلك المحرز لا بالقطع ولا بالظنّ الغير المعتبر ، وحينئذ فيجوز أن يكون جزء للموضوع ، فافهم.
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٢ : ٣١ ـ ٣٧.