وضعفه ظاهر ، لأنّ ما ذكر إنّما يقدح في جريان استصحاب الفرد المذكور ، أمّا الكلّي فلا. فآثار الفرد الخاصّ لا تترتّب ، أمّا الأثر المشترك بين الفردين فلا مانع من إجراء الاستصحاب للكلّي وترتيبه إذا أنا على شكّ من بقائه بعد اليقين بحدوثه.
الثاني : أنّ الشكّ إنّما نشأ من احتمال حدوث الجنابة مثلا ، وإلّا فلو لا احتمال حدوث الجنابة لم يكن شكّ في بقاء الحدث ، لفرض أنّه توضّأ فالحدث الأصغر ارتفع يقينا ، فإذا فرض جريان أصالة عدم حدوث الجنابة فلا يكون له شكّ حينئذ.
وقد اجيب عن هذا الإشكال بوجوه :
الأوّل : أنّ منشأ الشكّ ليس الشكّ في حدوث الجنابة وإنّما المنشأ للشكّ الشكّ في صفة الحادث ، وأنّه الحدث الأصغر فقد ارتفع قطعا أو الأكبر فهو باق قطعا ، فليس منشأ الشكّ هو الشكّ في حدوث الجنابة حتّى تجري أصالة عدمها وإنّما هو الشكّ في صفة الحادث وليس له صفة متيقّنة حتّى يجري استصحابها.
ولا يخفى عليك ما فيه ، فإنّه بناء على عدم جريان أصالة العدم في الأزليّات متين.
وأمّا بناء على جريانها كما حقّقناه فلا يتمّ ، لأنّ الأصل عدم اتّصاف الحادث بكونه جنابة ولو بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، وحينئذ فلا يجري القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلّي ، وقد رتّبنا من ثمرات جريان الأصل في الأعدام الأزليّة الاكتفاء بمرّة واحدة في غسل المردّد بين كونه متنجّسا بالبول فلا بدّ فيه من الغسل مرّتين ، أو بما متنجّس بالدم فيكفي فيه المرّة ، بتقريب أنّ أصالة عدم كون المتنجّس متنجّسا بالبول تجري فتحرز بأنّه ليس بمتنجّس بالبول فيبقى تحت إطلاقات الغسل. وهو من جملة وجوه ما حكم به السيّد كاظم اليزدي قدسسره في العروة فيما إذا شكّ في كون ما ولغ الكلب فيه إناء حتّى يحتاج إلى التعفير أم لا حتّى لا يحتاج إليه فقد حكم في العروة بعدم لزوم التعفير (١).
__________________
(١) انظر العروة الوثقى ١ : ١١٢ ، فصل في المطهّرات ، المسألة ١٠.