وقد غسل الثوب النجس بماء وجدانا وكون الماء طاهرا بمقتضى الأصل فلا يبقى مجال لاستصحاب نجاسة الثوب. أمّا لو كان رفع الشكّ من اللوازم العقليّة فلا.
وفي المقام من هذا القبيل ، فإنّ أصالة عدم حدوث الفرد الطويل يعني أصالة عدم دخول عمرو لا يترتّب عليه رفع الشكّ إلّا باللازم العقلي ، فلا يمنع من جريان الاستصحاب في المسبّب أيضا لو فرض جريان الأصل في السبب لوجود أثره.
وهذا الجواب هو الجواب الصحيح لهذه الشبهة وهو الّذي ينبغي أن يكون مراد الآخوند في ثالث أجوبته في كفايته ، والأوّل منها هو ما ذكرناه أوّلا ، وأمّا ثانيها وهو أنّ بقاء القدر المشترك بعين بقاء الخاصّ لم يظهر لنا حقيقة مراده منه (١) فإنّ كون الفرد عين الكلّي أكثر وضوحا في جريان الإشكال من دعوى الملازمة ، إذ المستشكل لم يدّع أنّ وجود الكلّي مسبّب عن وجود الفرد ليدفع بالعينيّة ، بل ادّعى أنّ الشكّ في وجود الكلّي مسبّب عن الشكّ في وجود الفرد ، ولا يفرق في سببيّة الشكّ بين التلازم والعينيّة.
وبالجملة ، فالصحيح ما ذكره في ثالث الأجوبة إلّا أنّه يختصّ بما لا يكون البقاء أو الارتفاع من الآثار الشرعيّة فيجري فيه القسم الثاني من استصحاب الكلّي ، أمّا إذا كان البقاء أو الارتفاع من الآثار الشرعيّة فلا يجري الاستصحاب ، كما إذا دار أمر المتنجّس بين كونه متنجّسا بالبول ليطهر بغسلتين أو بغيره ليكتفى فيه بالمرّة ، فإنّ أصالة عدم كون النجاسة بولا ولو أزلا تحقّق طهارته بالغسل مرّة.
ثمّ إنّ كلامنا كلّه إنّما حيث يكون منشأ الشكّ حدوث الفرد القصير أو الطويل من أوّل الأمر كما مثّلنا في المتطهّر إذا خرج منه بلل مشتبه بين البول والمني ، أمّا لو كان الشكّ فيه ناشئا من احتمال حدوث فرد آخر أطول فلا ، مثلا المحدث بالأصغر إذا خرج منه بلل مشتبه بين البول والمنيّ فهنا لو توضّأ بعد ذلك لا يجري استصحاب
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٤٦٢.