بالوجدان حسب الفرض ، وأمّا نجاسة الملاقى فاستصحاب وجود كلّي النجاسة فيها لا يثبتها إلّا بالملازمة العقليّة.
ولا يخفى أيضا عليك أنّه لو أراد السيّد استصحاب وجود كلّي نجاسة العباءة كان ما ذكره الميرزا في جوابه متينا إلّا أنّ للسيّد أن يجري استصحاب نجاسة ذلك الخيط النجس بخصوصه الّذي لاقى الماء قطعا. فتكون النجاسة محرزة بالأصل ، والملاقاة لما هو نجس بالنجاسة المحرزة بالأصل محرزة بالوجدان حسب الفرض.
فالتحقيق أن يلتزم بنجاسة الملاقي لكلّ طرفي العباءة ، لأنّ استصحاب الطهارة في الماء محكوم بهذا الاستصحاب ، لأنّ العبرة في باب الاستصحاب بتحقّق اليقين السابق بنجاسة الملاقي والشكّ اللاحق في زوالها ، فبملاقاة الطرف السفلى لم يحكم بنجاسة الملاقي لعدم حصول اليقين بملاقاة ما كان نجسا له ، ولكن بملاقاة الطرف العالي المقطوع الطهارة يتحقّق حينئذ اليقين بملاقاة ما كان نجسا ، فيحكم بنجاسة الملاقى بالفتح وهو الماء لتحقّق استصحاب كلّي النجاسة الّتي لاقت الإناء ، فقد تمّت أركان الاستصحاب ، فإنّ الملاقاة محرزة بالوجدان ونجاسة الملاقى بالأصل.
بقي شيء وهو أنّ كلّما ذكرنا في حجّية الاستصحاب من كونه حجّة سواء كان الشكّ في المقتضي أو كان في الرافع يجري هنا. ومن اختار حجّيته في خصوص الشكّ في الرافع اختار هنا ذلك ، لاتّحاد الدليل وعدم دليل خاصّ للكلّي. فتمثيل الشيخ الأنصاري بالبقّة والفيل (١) الّذي هو من قبيل الشكّ في المقتضي إنّما ذكره مثالا لا على خصوص رأيه ، بل ذكره مثالا لمن يرى الحجّية على الإطلاق ، فافهم.
(ثمّ إنّ من ثمرات جريان الاستصحاب في القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلّي أنّه لو علم بنجاسة شيء مثلا وتردّدت نجاسته بين العرضيّة لتزول بالغسل
__________________
(١) لم نقف عليه في الفرائد إلّا أنّه رحمهالله ذكر هذا المثال : «كما لو تردّد من في الدار بين كونه حيوانا لا يعيش إلّا سنة ، وكونه حيوانا يعيش مائة سنة». راجع الفرائد ٣ : ١٩٢.