والذاتيّة كي لا تزول ، فتارة لا يعلم حالته السابقة من حيث الحكم بالطهارة أو النجاسة ، مثل ما إذا كان فرش من شعر أصابه بول وشككنا في كونه شعر معز ليطهر بالتطهير أو شعر خنزير ليكون باقيا على النجاسة ، فإن بنينا على استصحاب العدم الأزلي فأصالة عدم كونه شعر خنزير تجري فيكون شعرا بالوجدان لاقى نجاسة وليس شعر خنزير بالأصل فيطهر بالغسل ، وإن لم نجر الاستصحاب في الأعدام الأزليّة فيستصحب كلّي النجاسة بعد الغسل فيحكم بنجاسته.
واخرى يكون ذلك الشيء محكوما بالطهارة سابقا كالصابون المجلوب من بلاد الكفر إذا تنجّس بنجاسة عارضيّة ، فإذا شكّ في كون الزيت الّذي فيه زيت طاهر ذاتا كزيت النبات مثلا أو زيت نجس ذاتا كزيت الميتة ، وقد كان قبل عروض النجاسة العرضيّة محكوما بأصالة الطهارة فلا يبعد أن يكون من أحكام الجسم الطاهر شرعا أنّه إذا لاقته نجاسة عارضيّة ، طهارته إذا غسل ، فكونه طاهرا يثبت بالأصل وكونه جسما لاقته نجاسة بالوجدان فيثبت طهارته بالغسل) (١).
وأمّا القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي وهو أن يقطع بانعدام الفرد المتيقّن وإنّما يشكّ في بقاء الكلّي من جهة احتمال مقارنة فرد آخر ـ مع هذا الفرد المقطوع انعدامه ـ لم ينعدم ، فيستند وجود الكلّي إليه ، أو يشكّ في حدوث فرد آخر بعد انعدام الفرد المتيقّن يستند إليه وجود الكلّي ، والظاهر عدم حجّيته بكلا شقّيه خلافا للشيخ الأنصاري في الشقّ الأوّل (٢) فإنّه قدسسره زعم جريان الاستصحاب فيه ، لأنّ الخصوصيّة الفرديّة كانت واسطة للعلم بتحقّق الكلّي في الخارج ، ونسبة وجود الكلّي إلى كلّ فرد على حدّ واحد ، وحينئذ فمع احتمال مقارنة فرد له من أوّل الأمر يحصل الشكّ في انعدام الكلّي المتيقّن سابقا فيجري الاستصحاب.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ١٩٦.