وقد اجيب (١) بأنّ الميتة ليس من العناوين الوجوديّة ، بل هي عبارة عن غير المذكّى تذكية شرعيّة كما لو لم يسمّ عليه عمدا أو لم يوجّه إلى القبلة عمدا. ولو قلنا بأنّ الميتة عبارة عمّا مات حتف أنفسه ، فالحكم بالحرمة والنجاسة ليس مختصّا به بل يشمل غير المذكّى شرعا وإن لم يمت حتف أنفه.
ولا يخفى عليك أنّ حرمة الأكل والصلاة به ثابتان لمطلق غير المذكّى لقوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ)(٢) ولقوله عليهالسلام ما مضمونه : إذا علمت أنّه ذكي قد ذكّاه الذابح أو الذبح (٣). إلّا أنّ الحكم بالنجاسة ليس محمولا على غير الميتة ، فإذا سلّمنا أنّها ما استند موته إلى غير السبب الشرعي ، وليست ما لم يذك الّذي هو أمر عدمي بل هو أمر وجودي ، فبأصالة عدم التذكية لا يثبت إلّا على الأصل المثبت ، ولذا لا يحكم بالنجاسة فيه فيكون الحقّ مع التوني ، فافهم.
الوجه الثاني لما ذكره الفاضل التوني من عدم إجداء أصالة عدم التذكية هو أنّ عدم التذكية قد يكون لحياة نفس الحيوان وقد يكون لموته بغير تذكية ، فاستصحاب عدم التذكية التي كانت حال الحياة لا يجدي لزوالها قطعا ، واستصحاب عدم التذكية مقارنا لزهاق الروح لا يجدي أيضا للشكّ في تحقّقه ، فجريان الاستصحاب هنا مبنيّ على جريان الاستصحاب في القسم الثاني من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ولا نقول به (٤).
ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره لا يمكن المساعدة عليه ، لأنّ عدم التذكية ليس له فردان زال أحدهما قطعا ويشكّ في حدوث الثاني ، فإنّ العدم واحد وإنّما اختلف مقارناته ،
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٣ : ١٩٨.
(٢) المائدة : ٣.
(٣) الوسائل ٣ : ٢٥٠ ، الباب ٢ من أبواب المصلّى ، الحديث الأوّل وفيه : قد ذكّاه الذبح.
(٤) انظر الوافية : ٢١٠.