ففي الأوّل كان مقارنه الحياة وفي الثاني يقارنه زهوق الروح. وأمّا نفس عدم الذكاة فواحدة حتّى قبل وجود الحيوان إلّا أنّها حينئذ عدم أزلي ، وكيف كان فالعدم واحد ، ولا ينافيه عدم الأثر له بحدوثه بل يكفيه الأثر بقاء ، فليس الاستصحاب فيه استصحابا كلّيا بل هو استصحاب شخصي وهو واضح.
وأمّا القسم الرابع من أقسام استصحاب الكلّي وهو ما لو تعلّق يقينان بأمرين يحتمل اتّحادهما بحسب الوجود الخارجي ، مثلا لو قطعنا بكون زيد في الدار ثمّ تيقنّا بوجود متكلّم في الدار أيضا ، فأحد اليقينين تعلّق بزيد والثاني بعنوان متكلّم ثمّ خرج زيد فنحتمل أن يكون المتكلّم زيدا وقد خرج ونحتمل أن يكون غيره فهو باق ، فهل يجوز الاستصحاب لعنوان كلّي الإنسان المتكلّم نظرا لتعلّق اليقين والشكّ به ، أو لا نظرا إلى أنّ كونه غير زيد غير متيقّن.
والفرق بين هذا القسم والقسم الثالث أنّ القسم الثالث فيه يقين واحد تعلّق بفرد مقطوع الارتفاع والشكّ في حدوث فرد آخر مقامه ، وهنا نحتمل أن يكون المتكلّم السابق بنفسه باقيا.
والفرق بين هذا القسم والقسم الثاني هو أنّ القسم الثاني المتيقّن فيه مردّد بين الفرد الطويل والفرد القصير ، وهنا ليس كذلك إذ المتيقن بالعنوان الأوّلي زائل قطعا ولكنّ المتيقّن بالعنوان الثاني لم يعلم زواله مع احتمال انطباقه على المعنون الأوّلي فيكون زائلا ، وعدمه فيبقى.
وبالجملة ، فالظاهر جريان الاستصحاب فيه أيضا ، إذ أنّ الأخبار لا يظهر منها اعتبار كون المتيقّن أمرا خاصّا ، بل : «لا تنقض اليقين بالشكّ» في المقام صادق فإنّه متيقّن بوجود إنسان متكلّم يشكّ في ارتفاعه وعدمه فيجري فيه الاستصحاب بلا كلام لوجود أركانه. فمن أجنب فاغتسل ثمّ بعد ليلة رأى منيّا في ثوبه يحتمل أن يكون من الجنابة السابقة فهو متطهّر أو من جنابة لا حقة فهو جنب يجري في حقّه استصحاب الجنابة ، يعني أنّه متيقّن أنّه حين خروج هذه الجنابة كان جنبا