فنقول في الجواب : إنّ الواجبات المقيّدة بالزمان أكثرها ، إن لم يكن كلّها مقيّدة بامور عدميّة مقارنة للزمان ، مثلا الصلاة مقيّدة بعدم غروب الشمس أو عدم انتصاف الليل أو عدم طلوع الفجر أو الشمس كما لا يخفى ذلك على من لاحظ لسان الأخبار مثل قوله عليهالسلام : «ثمّ أنت في وقت منهما حتّى تغيب الشمس» (١). وكذا نظائرها (٢) ممّا ورد في تحديد الأوقات ، وحينئذ فكما أنّه لو رأى الشمس بالوجدان يصلّي وتكون صلاته أدائيّة ، كذلك إذا استصحب عدم غروب الشمس فإنّ الوقت باق بحكم الأصل المجعول حجّة من قبل الشارع المقدّس.
ثمّ إنّه لو فرض أنّ هناك جملة من الامور ليست مقيّدة بأمر عدمي يكون مقارنا للزمان في الوجود نقول : إنّ اعتبار الزمان قيدا ليس على حدّ سائر القيود كالطهارة وغيرها ، وإنّما اعتبارها فيه باعتبار كون الزمان ظرفا لها والتعبير بالقيديّة مسامحة ، وحينئذ فلا يعتبر وقوع الصلاة في الزمان الخاصّ من باب أنّه قيد لا بدّ من تحقّقه ، إذ ليس الزمان والصلاة من قبيل العرض ومحلّه حتّى يعتبر الاتّصاف لذلك المحلّ بالعرض ، وإنّما معنى اعتبار الزمان ليس إلّا اعتبار الصلاة مقارنة لذلك الزمان بحسب الوجود الخارجي ، فإذا كان ذلك كذلك فباستصحاب بقاء الزمان يثبت أحد الجزءين وبالوجدان يثبت الجزء الثاني.
نعم لو كان المأخوذ بالدليل عنوان بسيط منتزع من هذه المقارنة الخارجيّة لم يثبته الاستصحاب إلّا بالأصل المثبت ، كما احتمله الشيخ الأنصاري قدسسره في مسألة الشكّ في إدراك الإمام راكعا من أنّ الموضوع إدراك الإمام راكعا بمعنى مقارنة ركوع المأموم مع ركوع الإمام (٣) فالمقارنة هي الموضوع للحكم بالصحّة ،
__________________
(١) الوسائل : ٣ : ٩٢ ، الباب ٤ من أبواب المواقيت ، الحديث ٥.
(٢) انظر المصدر المتقدّم : أبواب المواقيت ، خصوصا الباب ١٧ و ٢١ و ٢٦ وغيرها.
(٣) انظر كتاب الصلاة (للشيخ الأنصاري) ٢ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠.