وقد أيّده الميرزا النائيني قدسسره (١) بدعوى أخذ الزمان في متعلّق الاستصحاب فيستصحب حكم ذلك الزمان الّذي هو شهر رمضان ، وهذا الاستصحاب الحكمي وإن خلا عن إشكال الاستصحاب الحكمي ، لعدم بقاء موضوعه إلّا أنّ فيه إشكال السببيّة ، فإنّ استصحاب الحكم مسبّب عن استصحاب الموضوع فإن جرى في الموضوع أغنى عنه وإلّا فلا يجري في الحكم أيضا ، فإنّ استصحاب حكم ذلك الزمان أيضا لا يثبت أنّ هذا الزمان شهر رمضان إلّا بالأصل المثبت ، وأخذ الزمان في متعلّق الحكم المستصحب لا يحسم مادّة الإشكال.
وقد تخلّص الآخوند قدسسره عن هذا الإشكال في مثل من كان صائما ممسكا وشكّ في انقضاء النهار حتّى يجوز له الإفطار ، وعدمه حتّى لا يجوز باستصحاب حكم الإمساك الّذي كان صبحا (٢) وهو حسن في مثل هذا المثال ممّا كان حكم فيه للعمل الّذي كان متلبّسا فيه ، ولا يكون حكما كلّيا حاسما لأصل الإشكال ، بل يحسمه في مثل هذا وأشباهه ممّا كان متلبّسا بالعمل ويشكّ في خروج الوقت الّذي قيّد به ذلك العمل ، فيقال : كان الإمساك في النهار فنستصحب كون الإمساك في النهار إلى الآن ، أمّا لو لم يكن شارعا في الصلاة وأراد استصحاب النهار ليصلّي فلا يجديه هذا الاستصحاب (لعدم مسبوقيّة الصلاة بكونها في الوقت إلّا على القول بالاستصحاب التعليقي ولا نقول بحجّيته. ومن يقول بحجّيته كالشيخ الأنصاري (٣) وأكثر المتأخّرين عنه (٤) لا يقولون به في الموضوعات ، وإنّما يخصّونه بالأحكام) (٥).
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٤ : ١٠٢ ـ ١٠٣ ، وفوائد الاصول ٤ : ٤٣٧.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٤٦٤ ـ ٤٦٥.
(٣) انظر فرائد الاصول ٤ : ٢٢٣.
(٤) منهم : المحقّق الآخوند في الكفاية : ٤٦٧ ، والمحقّق العراقي في نهاية الأفكار القسم الأوّل من الجزء الرابع : ١٧٣ ، والمحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية : (٥ ـ ٦) : ١٧١ ـ ١٧٢.
(٥) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.