وهذا الوجود نحو من أنحاء الوجودات متصرّم ومنقض أو لم يتحقّق ولم يوجد؟ ولو تنزّلنا وقلنا بأنّه بحسب الدّقة لا وجود له ، لانصرام كلّ جزء من أجزائه القابلة للتجزئة إلّا أنّ الاستصحاب ليس للجزء وإنّما هو لمجموع أجزاء متفرّقة إلّا أنّها بحسب العرف ترى شيئا واحدا ، فيصدق حينئذ «لا تنقض اليقين بالشكّ» كما يأتي ، فيجري استصحاب بقاء الليل واستصحاب بقاء النهار حيث يشكّ في ارتفاعهما. وأمّا إذا شكّ في أمر عدمي وهو غروب الشمس مثلا فجريان الاستصحاب فيه وهو استصحاب عدم غروبها أظهر وأوضح لعدم كونه تدريجيّا ، ضرورة أنّه لم تكن غاربة فيستصحب عدم غروبها أو عدم طلوعها حيث يشكّ في الطلوع بالنسبة إلى الآثار المترتّبة على هذه الامور العدميّة ، فافهم وتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ هذا الاستصحاب يجري في الزمان سواء علم أمده وشكّ في تحقّق ذلك الأمد أو شكّ في أصل أمده ، والأوّل من قبيل الشكّ في الرافع لتحقّق استعداد البقاء ، والثاني من قبيل الشكّ في المقتضي إلّا أنّ مثل استصحاب الزمان كبقاء رمضان لا يثبت به إلّا بقاء رمضان فترتّب عليه آثار بقاء رمضان ، ولكن لا يثبت به أنّ اليوم المشكوك من شهر رمضان إلّا على لازمه العقلي وهو الأصل المثبت ، فلا يكاد يجدي استصحاب الزمان لإثبات أنّ الزمان اللاحق من شهر رمضان ، فإذا كان الزمان قيدا للوجوب فقط يجدي ، وأمّا إذا كان قيدا للوجوب وللواجب فلا يجري إلّا على القول بالأصل المثبت كما في الصلوات اليومية فإنّها مقيّدة بوقوعها في أزمنة خاصّة.
وقد تنبّه الشيخ الأنصاري قدسسره لورود هذا الإيراد وزعم جريان استصحاب الحكم فيستصحب الحكم الثابت لشهر رمضان بالنسبة إلى يوم يشكّ فيه أنّه من رمضان أو شوّال (١).
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٢٠٥.