إذا عرفت جميع ما ذكرناه هنا من كون الشكّ في الحكم في مرتبة الإنشاء يكون من جهة النسخ ، وفي غيره من جهة الامور الخارجيّة لا من جهة سعة الموضوع وضيقه. فاعلم أنّ (استصحاب الحكم التعليقي فيما إذا كان منشأ الشكّ احتمال النسخ يجري كما يجري الاستصحاب التنجزي ، فكلّ حكم شكّ في نسخه يستصحب تنجيزيّا كان أم تعليقيّا ، كما أنّ الشكّ ان كان من جهة اشتباه الامور الخارجيّة يستصحب الموضوع وتترتّب عليه أحكامه التنجيزيّة والتعليقيّة ، وأمّا إذا كان الشكّ في الحكم من جهة الشكّ في سعة الحكم وضيقه فقد وقع محلّا للنزاع لظاهر أنّ) (١) القول بجريان الاستصحاب التعليقي وعدم جريانه متركّز على أنّ الشرط في الواجب المشروط هل يعود إلى الحكم أو إلى الموضوع؟
وليس المراد من الموضوع هو المتعلّق ليرجع إلى كلام الشيخ الأنصاري قدسسره بل الكلام في أنّ الحكم مقيّد فيكون الوجوب مقيّدا ، ليكون سنخ الوجوب في المشروط مغايرا للوجوب المطلق أو أنّ سنخهما واحد غير أنّ موضوع أحدهما مطلق وموضوع الآخر مقيّد ، فمثلا وجوب الحجّ مقيّد بالاستطاعة ، أو أنّ الوجوب مطلق وإنّما الموضوع مركّب من إنسان مستطيع.
وحيث قد أثبتنا في الوجوب المشروط الثاني ، وأنّ الوجوب لا يتفاوت في المطلق والمشروط ، وأنّ التفاوت بينهما اعتبار شرط في موضوع أحدهما دون الآخر. ومن المعلوم أنّ الحكم يدور مدار موضوعه ، فلو تحقّق أحد الجزءين ولم يتحقّق الجزء الآخر يستحيل وصول الحكم إلى مرتبة الفعليّة أصلا. فحينئذ مثلا الماء الكرّ هو موضوع حكم الشارع بعدم الانفعال بملاقاة النجاسة فكيف يمكن أن يجري ذلك الحكم في الماء فيقال : إنّه على تقدير كرّيّته لا ينفعل؟ فإنّ هذا التقدير لم يتحقّق في الخارج في هذه الواقعة كلّية لنستصحب حكمه ،
__________________
(١) ما بين القوسين من اضافات بعض الدورات اللاحقة.