وقد يشكّ العرف في كون العنوان دخيلا في الحكم أم لا ، ففي الأوّل يكفينا إطلاق الدليل ولا حاجة إلى الاستصحاب ، وفي الثاني لا شكّ في ارتفاع الحكم فلا استصحاب أيضا ، وفي الثالث إن فرضنا كون الدليل لا إطلاق فيه للحالة الثانية يجري الاستصحاب ، وذلك نظير حكم الشارع بنجاسة الماء المتغيّر ، فإنّ وصف التغيّر من الأوصاف الّتي يشكّ العرف في كون الحكم منوطا بعنوانها ليرتفع الحكم بارتفاع العنوان ، أم لا ليبقى ، ففي مثل هذا المورد يجري الاستصحاب.
والغرض من هذا الكلام بيان أنّ ما اشتهر التمثيل به للاستصحاب التعليقي غير صحيح وهو مسألة الزبيب إذا غلى ، لأنّ الموضوع للنجاسة هو العصير العنبي إذا غلى لا العنب ، والعصير العنبي هو الماء المعتصر من العنب ، والزبيب قد جفّ ماؤه وما يعصر منه ماء قد اختلط به من خارج ، فإنّه ماء نهر الفرات لا ماء العنب أو الزبيب.
ثمّ إنّ الحكم قد يكون في مرحلة الإنشاء الّتي يكون الحكم فيها ليس إلّا جعلا على تقدير وجود الموضوع ولا تحتاج إلى تحقّق الموضوع خارجا ، وحينئذ يكون الشكّ في بقائه من جهة احتمال النسخ ، كما إذا علمنا بحكم من الأحكام ثمّ شككنا فيه من جهة نسخه وهذا يستصحب قطعا ، وقد تقدّم أنّ استصحاب عدم النسخ إجماعي.
وقد يكون الشكّ فيه من جهة سعة الموضوع وضيقه حال توجّه الحكم كما في الماء المتغيّر الّذي زال تغيّره ، وفي هذا أيضا يجري الاستصحاب قطعا أيضا.
وقد يكون الشكّ في الحكم من جهة الامور الخارجيّة مثل المتطهّر الشاكّ في حدثه أو غير ذلك. وفي هذه الأقسام الثلاثة يجري الاستصحاب الحكمي قطعا بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّية لصدق أنّه كان على يقين فشكّ ولا ينبغي نقض اليقين بالشكّ. نعم في الثاني ربّما يتعارض استصحاب الحكم باستصحاب عدم الجعل لما زاد على النجاسة حال التغيّر فيسقط للمعارضة ولكنّه يجري الاستصحاب فيه بلا كلام.