وقد منع الشيخ الأنصاري من جريان الاستصحاب فيها في بعض تحقيقاته (١) على ما نسبه الميرزا النائيني إليه وأجاز جريان الاستصحاب التعليقي ، وليته عكس فمنع الاستصحاب التعليقي وأجاز هذا. أمّا جريان الاستصحاب في هذه لو شكّ في عروض الفسخ وعدمه منه مثلا فواضح ، إذ التمسّك ب (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) في بقاء المعاملة لا مانع منه أصلا ، فوجوب الوفاء بالعقد قد كان قطعا وليس في تحقّقه سابقا شكّ ، وإنّما الشكّ في بقائه فيستصحب ، وهذا من قبيل الشكّ في النسخ وقد تقدّم جريان الاستصحاب فيه عنده.
وبالجملة ، مناط الاستصحاب ثبوت شيء سابقا وتحقّق الشكّ في بقائه لاحقا ، وهذا موجود في هذه العقود التعليقيّة ، فإنّ تملّك الموصى له على تقدير تحقّق موت الموصي قد تحقّق سببه عند إيصاء هذا الشخص له قطعا ، وحينئذ فإذا شكّ في رجوعه فيما أوصى به يستصحب ذلك أو وجوب الوفاء أو غيرها من الآثار المتحقّقة.
(نعم ، إذا ناقشنا في استصحاب عدم النسخ كما ناقشنا فيه وقلنا : إنّ جعل الحكم إلى ما بعد زمان احتمل النسخ فيه حينئذ مشكوك والأصل عدم الجعل ، لم يجز حينئذ التمسّك بالاستصحاب في المقام لنفس الملاك المذكور) (٢).
وأمّا عدم جريان الاستصحاب التعليقي فلأنّ موارد جريان الاستصحاب كما ذكرنا محصورة إمّا من جهة الشكّ في النسخ وليس شكّ في تلك الجهة ، إذ احتمال نسخ حكم العنب إذا غلى من النجاسة والحرمة منفيّ قطعا ، كما أنّ الشكّ أيضا ليس من جهة سعة الموضوع وضيقه ، لأنّه ليس الحكم متحقّقا في الخارج حتّى يستصحب ، إذ الحكم إنّما يكون فعليّا متحقّقا في الخارج إذا تحقّق موضوعه ، والمفروض أنّ المتحقّق
__________________
(١) لم نظفر عليه.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.