العنب دون الغليان فلم تصل الحرمة والنجاسة مرتبة الفعليّة ، إذ قد تحقّق جزء الموضوع ، وبقي جزء آخر ، فهو نظير ما لو كان ثمّة ماء يغلي فهل يحكم بنجاسته ، لأنّه لو كان عنبا لتنجّس بالغليان؟ كلّا ثمّ كلّا.
وبالجملة ، فعدم الجريان للاستصحاب التعليقي واضح جدّا ، لعدم تحقّق شيء شكّ في ارتفاعه حتّى يتحقّق موضوع الاستصحاب.
بقي هنا شيئان :
أحدهما : أنّ استصحاب الحكم على تقدير جريانه في الأحكام الكلّية كما هو محلّ الفرض لو قلنا بجريانه في الحكم التعليقي فهل يعارضه استصحاب الحلّية التنجيزي الّذي كان ثابتا للزبيب قبل الغليان أم لا؟
والثاني : أنّ الاستصحاب التعليقي بناء على جريانه في الأحكام فهل يجري في الموضوعات والمتعلقات أم لا؟
أمّا الكلام في الأوّل فهو أنّ استصحاب الحكم التعليقي في الزبيب وهو الحرمة على تقدير الغليان معارض باستصحاب الحلّية الثابتة للزبيب قبل الغليان فيتعارضان ويتساقطان ، وتصير نتيجة ذلك عدم جعل الشارع الاستصحاب في الحكم التعليقي.
وقد أجاب عن هذا الإشكال النائيني (١) بما ملخّصه : أنّ بين الاستصحابين سببيّة ومسببيّة ، ومع جريان الاستصحاب في السبب لا يجري في المسبّب ، فإنّ الشكّ في الحلّية مسبّب عن الشكّ في ثبوت الحرمة التعليقيّة ، وإلّا فلو علمنا بثبوت الحكم التعليقي لم يجر استصحاب الحلّية.
ولا يخفى أنّ ما ذكره : من كون أحد الاستصحابين سببي والآخر مسبّبي ، غير مسلّم ، لأنّهما ـ أي الاستصحابين ـ معا مسبّبان عن الشكّ في سعة موضوعهما
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٤٧٤ ـ ٤٧٥.