وضيقه ، فإنّ استصحاب الحلّية التنجيزيّة إنّما هو من جهة الشكّ في سعة موضوعها وشموله حتّى لما بعد الغليان وعدمه ، كما أنّ استصحاب الحرمة التعليقيّة أيضا منشؤه هو الشكّ في سعة الموضوع للزبيبيّة على تقدير الغليان وعدمه فليس بينهما سببيّة ولا مسببيّة ، وإنّما السبب الشكّ في سعة الموضوع وضيقه.
ولو قلنا بأنّ كونهما سببي ومسبّبي مسلّم ولكن ليس كلّ مسبّب لا يجري الاستصحاب فيه مع جريان الاستصحاب في سببه ، بل إذا كان جريان الاستصحاب في السبب رافعا للشكّ في المسبّب شرعا فلا يجري الاستصحاب في المسبّب لعدم الشكّ حينئذ حتّى يجري الاستصحاب ، وذلك كما في مثل الثوب النجس المغسول بماء مستصحب الطهارة ، فإنّ من آثار طهارة الماء شرعا طهارة ما غسل به فلا يبقى حينئذ شكّ في طهارة الثوب حتى يستصحب نجاسته ، وهذا بخلاف المقام فإنّ استصحاب الحكم التعليقي وهو الحرمة لا يترتّب عليه عدم الحلّية إلّا من باب الملازمة العقليّة من عدم اجتماع الضدّين.
هذا ملخّص ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره في الدورة الثانية ، وقد ذكر في الدورة الاولى في جواب هذا التعارض وردّه تقريبا آخر فرّق فيه بين الشبهة الموضوعيّة والحكميّة ، ففي الموضوع يجري الأصل فيرتفع الشكّ كما ذكرنا في غسل الثوب ، وفي الحكميّة ذكر كلاما آخر وملخّصه : أنّ الحكم التعليقي بعد تحقّق ما علّق عليه يكون بنفسه فعليّا وأنّ الحكم بالحرمة مثلا هو حكم بعدم الحلّية ، لأنّ الحكم بالحرمة يقتضي ترتيب آثارها ، ومن آثارها أن لا يكون حلالا وليس من لوازمها العقليّة ، بل من آثارها الشرعيّة ، وحينئذ فاستصحاب الحرمة التعليقيّة إلى ما بعد الغليان يحقّق الحرمة الفعليّة ، وإذا تحقّقت رفعت الحلّية فلا يبقى شكّ في الحلّية حتّى تستصحب (١).
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٤ : ٤٧٧.