ولا يخفى عليك ما فيه ، فإنّه حين تحقّق الغليان لهذا الزبيب يشكّ في حكمه ، وهذا الشكّ مسبوق بحكمين أحدهما تعليقي والآخر تنجيزي ، فكما يجري استصحاب الحرمة فيرفع الحلّية لأنّها من آثاره ، كذلك يجري استصحاب الحلّية فيرفع الحرمة لأنّ الحرمة أيضا من آثاره ، فأيّ مرجّح لأحدهما على الآخر؟ فافهم وتأمّل.
وقد أجاب الآخوند قدسسره عن هذا الإشكال (١) بأنّ حلّية الزبيب مقطوعة لنا وإنّما الشكّ في أنّ هذه الحلّية هي الحلّية الّتي كانت ثابتة له حال كونه عنبا أم أنّها حلّية اخرى غيرها ، فبالاستصحاب يثبت أنّها هي الاولى ، ولا ريب أنّها حين كانت في العنب كانت مغيّاة بعدم الغليان فهي في الزبيب أيضا على ما كانت سابقا ، وحينئذ فهي مغيّاة بعدم الغليان فبعد الغليان لا تجري أصلا ، وحينئذ فلا معارضة. وهذا الجواب هو الّذي أراده الآخوند بعبارته في الكفاية وإن قصرت لاختصارها عن بيانه ، وهذا هو الجواب الصحيح.
وأمّا الكلام في الثاني وهو أنّه هل يختصّ الاستصحاب التعليقي بالأحكام أم يجري حتّى في الموضوعات والمتعلّقات؟ ذكر بعضهم (٢) من أدلّة جواز الصلاة في اللباس المشكوك الاستصحاب التعليقي ، بتقريب أنّ الصلاة قبل لبس هذا اللباس المشكوك لو صلّيت كانت صلاة بغير ما لا يؤكل لحمه ، فنشكّ بعد اللبس للمشكوك أنّها تغيّرت عمّا كانت عليه لو صلّيت أم لا فيستصحب.
وقد أجاب الميرزا النائيني بأنّ الاستصحاب يلزم فيه وجود الركن الركين من موضوعه خارجا ويشكّ فيه من ناحية اخرى ، وفي المقام الركن الركين هو الصلاة ولم تكن موجودة قبل حتّى يستصحب حكمها. ثمّ رتّب على ذلك عدم صحّة جعل ما اشتهر التمثيل به في الاستصحاب التعليقي مثالا ، لأنّ الموضوع العصير العنبي
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٦٨
(٢) لم نقف عليه.