في قاعدة التجاوز والفراغ حيث قال : «بلى ، قد ركعت» (١) وغيرها. وحينئذ فالمستصحب إن اعتبرنا كونه حكما شرعيّا أو موضوعا ذا أثر توجّه الإشكال في استصحاب عدم المانع ، لعدم كونه حكما ولا موضوعا ذا حكم إلّا أنّا لا نلتزم بذلك ، بل نقول : إنّ الاستصحاب يجري في كلّ ما هو قابل للتعبّد الشرعي ، سواء كان حكما أو موضوعا ذا حكم أو غيرهما ممّا هو قابل للتعبّد الشرعي ، والمقام من هذا القبيل ، فافهم وتأمّل.
ومنها ما ذكره من أنّه لا فرق في المستصحب بين أن يكون حكما أو عدم حكم ، فإنّ عدم الحكم أيضا ممّا هو قابل للتعبّد الشرعي وعدم صدق الحكم عليه لا يضرّ ، إذ لم يرد عندنا دليل يخصّ الاستصحاب بما يسمّى حكما بحسب اصطلاح الشارع ، كما أنّه لا فرق في استصحاب الموضوع ذي الأثر بين أن يكون أثره وجوديّا أو عدميّا لما ذكرنا أيضا. ولا يتوهّم أنّه لا بدّ أن يكون الأثر وجوديّا ، فاستصحاب عدمه لا يجدي ، إذ لا يترتّب عليه وجود ضدّه إلّا باللازم العقلي.
ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره متين لما ذكرنا إلّا أنّه فرّع عليه الإشكال على الشيخ الأنصاري قدسسره على ما في الرسالة (٢) مع أنّ الأنسب ، بل المتعيّن ذكر هذا الإيراد في ذيل التنبيه الآتي ، وهو أنّ الممنوع هو الآثار العقليّة المترتّبة على الحكم الواقعي ، وأمّا الآثار العقلية المترتّبة على الأعمّ من الحكم الواقعي والظاهري فترتّب بلا مانع كوجوب امتثال التكليف الفعلي واستحقاق العقاب على تركه ، فإنّ الشيخ إنّما منع من استصحاب عدم التكليف ، لأنّه زعم أنّ عدم العقاب المترتّب على عدم التكليف ليس أثرا شرعيّا ، وقد صرّح بعدم الفرق بين الوجود والعدم في جريان الاستصحاب في ذكر الأقوال ، فافهم وتأمّل.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٩٣٦ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٣.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٩.