فهذا من الاصول المثبتة قطعا ؛ لأنّ استصحاب ملك زيد الحربي له يثبت ملكيّته فلازمه العقلي استيلاء عمرو عليه وملكه له ، ولا فرق حينئذ بين خارج المحمول والمحمول بالضميمة في كونهما أصلا مثبتا.
ومنها ما يكون شرعا مجعولا بتبع جعل منشأ الانتزاع كالجزئيّة والشرطيّة فإنّها مجعولة شرعا تبعا ، فاستصحاب ذات الجزء والشرط لترتيب آثار الجزئيّة والشرطيّة مستثنى من عدم ترتيب اللوازم العقليّة.
أقول : لا يخفى ما فيه ، فإنّ استصحاب الجزء والشرط لا يتمّ ، لا لعدم شمول دليل الاستصحاب له ، بل لأنّ الاستصحاب إن جرى في منشأ الانتزاع وهو الأمر بالكلّ أو بالمقيّد أغنى عن استصحاب نفس الجزء والشرط لارتفاع الشكّ فيهما حينئذ ، وإن لم يجر فيه فكيف يستصحب المنتزع مع عدم استصحاب المنشأ للانتزاع؟ لأنّ منشأ الانتزاع إذا لم يكن موجودا فالجزئيّة حينئذ والشرطيّة أيضا غير متيقّنة.
وثانيا : أنّ ما فرّعه قدسسره أيضا غير تامّ ، لأنّ استصحاب ذات الجزء والشرط لا يترتّب عليه الشرطيّة ، لأنّ الشرطيّة ليست من أحكام ذات الشرط الواقع في الخارج حتّى تترتّب باستصحابه ، بل الشرطيّة عبارة عن تقيّد المأمور به بالشرط ، وجد المأمور به في الخارج أم لا ، وكذلك الكلام في الجزئيّة حرفا بحرف.
وبالجملة ، فظاهر كلامه قدسسره هو الإيراد على المانع من استصحاب الشرطيّة أو المانعيّة أو الجزئيّة استنادا إلى أنّ كلّا منها ليس حكما شرعيّا كما أنّه ليس له أثر شرعي ، لأنّه أمر انتزاعي عقلي ، فإنّ استصحاب الطهارة مثلا ليس له أثر إلّا جواز الدخول في الصلاة وهو حكم عقلي يرتّبه العقل ، إذ هو المحكّم في مرحلة الامتثال.
وجواب هذا الإشكال إنّما هو بأن يقال : إنّ للشارع التصرّف في مرحلة الامتثال أيضا كما يتصرّف في مرحلة التكليف ، وقد تصرّف في مرحلة الامتثال