أنّه من موارد وجود الدليل اللفظي ليمتنع جريان الاستصحاب ، أو أنّه من موارد عدم وجود الدليل اللفظي ليجري الاستصحاب ، وذلك المورد هو ما لو ورد عامّ ثمّ خصّص في بعض الأفراد بالنسبة إلى بعض الأزمان قطعا ، فبعد انقضاء ذلك الزمان يتكلّم في أنّه بالنسبة إلى بقيّة الأزمان هل يتمسّك بالعموم أو باستصحاب حكم المخصّص ، فالكلام في أنّ المورد ممّا فيه دليل لفظي أم لا ، وليس المقام من تعارض الاستصحاب مع الأصل اللفظي كما ربّما يتوهّم.
وللشيخ الأنصاري قدسسره كلام في المقام ادّعى بعضهم إجماله واشتباه المراد منه ، وليس كذلك بل هو ظاهر في أنّ العموم إن كان مضافا إلى عمومه الأفرادي ذا عموم أزماني أفرادي بحيث إنّه كما ينحلّ إلى أحكام عديدة بحسب أفراده ، ينحل إلى أفراد عديدة بحسب أزمانه أيضا ، فالمورد من قبيل التمسّك بالعموم وليس من باب التمسّك بالاستصحاب ، لأنّ خروج فرد من العموم بسبب التخصيص لا يستدعي خروج بقيّة الأفراد ، بل لا يجري الاستصحاب حتّى لو لم يكن عموم أصلا ، لأنّه ليس من موارده.
وإن لم يكن العموم ذا عموم أزماني أفرادي ، بل عمومه أفرادي فقط ، وأمّا بحسب الزمان فهو حكم واحد لا ينحلّ إلى أفراد فهنا لا مجال للتمسّك بالعموم لانقطاعه بالمخصّص حسب الفرض ، وليس عندنا عموم آخر غير العموم المنقطع فيكون من موارد جريان الاستصحاب ، ولو لم يجر الاستصحاب لمانع خارجي لم يرجع إلى العموم لانقطاعه.
هذا ملخّص ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره (١) وقد أشكل الآخوند على إطلاق كلامه قدسسره نفيا وإثباتا ، وذلك أنّه قدسسره زعم أنّ النظر إلى أنّ للعامّ عموما أزمانيّا لا يكفى في الحكم بالعموم ، وملخّص ما ذكره الآخوند (٢) : أنّ العامّ إن كان عمومه الزماني
__________________
(١) انظر الفرائد ٣ : ٢٧٣ ـ ٢٧٨.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٤٨٣ ـ ٤٨٤.