وملخّصه : أنّ ما ذكره يتمّ في العبادات لعدم تعلّق الحاجة بصحّة الموجود فيها وإنّما المقصود فيها وجود الصحيح وقد عبّدنا الشارع بوجود الصحيح ، لكن في المعاملات المقصود الحكم بصحّة الموجود ، فإنّ المرأة إنّما تحلّ إذا حكم بصحّة العقد الموجود وإلّا فمجرّد وجود الصحيح من العقد لا يجدي في حلّيتها (١).
ولا يخفى أنّ هذا الإيراد المشترك بين الميرزا والآخوند غير وارد ، فإنّه في المعاملات أيضا المقصود وجود الصحيح ، ولا فرق بين المقامين أصلا فإنّ حكم الشارع بوجود الصحيح من العقد عليها كاف في جواز الاستمتاع ، فهذا الوجه لا يجدي. نعم الوجه الأوّل وهو كونه خلاف ظاهر الأدلّة إيراد متين ، فبقي استحالة التعبّد بهما معا في دليل واحد لا دافع له.
فالصحيح في الدفع أن يقال : إنّ الشيء في قوله عليهالسلام : «كلّما شككت في شيء ممّا قد مضى فامضه كما هو» مطلق ، وقد ذكرنا مرارا أنّ معنى الإطلاق رفض القيود ، فكلّما صدق الشكّ في شيء ممّا قد مضى على ما يأتي من معنى المضيّ فقد ألغاه الشارع ، سواء تعلّق الشكّ بوجوده أو بصحّته ، وبهذا يظهر حينئذ إنّ الإشكال مندفع.
نعم ، تبقى هنا شبهة ملخّصها كما ذكره الشيخ الأنصاري : أنّ ظاهر الشكّ في الشيء الشكّ في أصل وجوده لا في صحّته بعد الفراغ عن وجوده ، فاستعماله في هذا الظاهر خال عن العناية ، فاستعماله في غير هذا الظاهر وهو الشكّ في الصحّة يحتاج إلى عناية ، فالجمع في كلام واحد بين ما يحتاج إلى العناية وما لا يحتاج إلى العناية غير ممكن فلا بدّ من كونهما قاعدتين لا قاعدة واحدة (٢) ، فافهم.
والجواب عن هذه الشبهة هو أنّ الشكّ في الصحّة يرجع إلى الشكّ في منشأ انتزاع هذا الوصف وأنّه متحقّق أم لا ، مثلا الشكّ في الصحّة يرجع إلى الشكّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢١٢.
(٢) انظر فرائد الاصول ٣ : ٣٢٩.