بقي الكلام في عموم قاعدة التجاوز كقاعدة الفراغ أم أنّها خاصّة بخصوص الصلاة ، وقد كان الكلام في تعدّد القاعدة واتّحادها مقدّمة له.
فنقول : أمّا بناء على ما اخترناه سابقا من أنّها قاعدة واحدة فظاهر عمومها في أنّ كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد مضى فلا يعتنى بالشكّ فيه ، سواء كان من العبادات أو المعاملات بالمعنى الأخصّ أو الأعمّ.
وأمّا بناء على أنّهما قاعدتان كما اختاره الميرزا النائيني قدسسره (١) وقوّيناه أخيرا فما يتمسك به في إثبات العموم وعدمه الروايتان المتقدّمتان وهما صحيحتا إسماعيل بن جابر وزرارة ، فإنّ صحيحة إسماعيل قد تضمّنت «كلّ» بقوله : «كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» وصحيحة زرارة ذات إطلاق بقوله : «إذا شككت في شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء».
وربّما يقال بعدم إفادتهما العموم أمّا الاولى فلما بنى الآخوند عليه من عدم إمكان استفادة عموم مدخول «كلّ» إذا لم تجر فيه مقدّمات الحكمة (٢) ، وفي المقام الشيء الّذي هو مدخول «كلّ» لا تجري فيه المقدّمات لوجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، وبهذا يورد على الثانية ، فإنّ الإطلاق إنّما يتمّ إذا لم يكن ثمّة قدر متيقّن في مقام التخاطب وعليه فلا الإطلاق في المقام موجود لوجود القدر المتيقّن ، ولا عموم في مدخول «كلّ» لوجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب وهو خصوص الأجزاء الصلاتيّة.
ولا يخفى أنّا قد قدّمنا أنّ مدخول «كلّ» بنفسه يفيد العموم ولا حاجة إلى جريان مقدّمات الحكمة وقد قدّمنا ذلك في مبحث العموم والخصوص فلا نعيده.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢١١ ، لكنّه قال أخيرا : فإنّ اتّحاد التعبير في موارد الأخبار الواردة في موارد التجاوز عن الأجزاء والفراغ عن العمل يكاد يوجب القطع بوحدة القاعدة المجعولة راجع المصدر : ٢١٥.
(٢) كفاية الاصول : ٢٥٥.