ولكنّه فاسد ، لأنّ كون الغسلات والمسحات قبل الصلاة إنّما هو عقلي فهو محلّ عقلي لها ، وقد ذكرنا أنّ التجاوز والمضيّ إنّما هو بتجاوز محلّه الشرعي لا العقلي ، وفي المقام المحلّ عقلي ، لأنّ اعتبار كون أوّل أجزاء العمل مصحوبا بالطهارة ملازم عقلا لكون الأفعال قبل الصلاة ولا يمكن المقارنة عقلا إلّا بذلك.
وربّما يقال : إنّ المحلّ المتجاوز أعمّ من المحلّ الشرعي أو العادي أو العقلي ، لأنّ قوله : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (١). فيه عموم ، والعبرة بعمومه فإنّ عمومه يقتضي أنّ الإنسان في مقام الامتثال لا يشرع في العمل إلّا بعد إحراز شرطه ، والعبرة بهذا العموم ، وهذا العموم يقتضي أن يعمّم المحلّ للعقلي والعادي والشرعي لا أن يخصّ بالشرعي.
ولكنّه فاسد أيضا ، فإنّ عموم الأذكريّة إنّما هو بالنسبة إلى ما يعتبر في نفس العمل لا في مقدّماته العقليّة. وفي المقام الأذكريّة إنّما تنفع في نفس الطهارة المسبّبة ولا يصدق التجاوز والفراغ بالإضافة إليها ، وبالنسبة إلى الغسلات والمسحات الّتي هي مقدّمات عقليّة ليست الأذكرية عامّة لها أصلا ، فافهم.
هذا كلّه حيث يكون الشرط المشكوك فيه شرطا لمجموع العمل.
أمّا لو كان الشرط المشكوك فيه شرطا للأجزاء فقط كالطمأنينة مثلا ؛ فتارة يشكّ في الطمأنينة في أمر متقدّم مثلا هو في السجود ويشكّ في الطمأنينة في الركوع فهنا لا ريب في جريان قاعدة التجاوز والفراغ ، لأنّ الشكّ في صحّة الفعل المتقدّم فيدخل تحت الكبرى الكلّية وهي : «كلّما شككت في شيء ممّا قد مضى فامضه كما هو».
وتارة يشكّ في الطمأنينة في نفس السجود مثلا وفي مثله لا يجري قاعدة الفراغ ولا التجاوز ، لعدم صدق المضيّ حينئذ لبقاء المحلّ وعدم الفراغ من العمل ، وكذا لو شكّ في الطمأنينة وهو في الآن المتخلّل بين الجزءين ، هذا تمام الكلام في الشكّ في الشرائط.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٣٢ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.