المتقدّمة كان موجودا أم لا ، مثل من كان في السجود مستقبلا للقبلة بالوجدان ولكنّه يشكّ في أنّه حال القراءة والركوع والسجود المتقدّم هل كان مستقبلا أم صار استقباله بعد ذلك. وفي مثل هذا الفرض لا إشكال في جريان قاعدة الفراغ ـ التجاوز ـ بالنسبة إلى شرط الأجزاء الماضية والآنات المتخلّلة لصدق قوله : «كلّما شككت في شيء ممّا قد مضى فامضه كما هو» (١) فيكون الاستقبال الّذي هو شرط مجموع العمل بعضه محرز بالوجدان وبعضه محرز بالتعبّد.
وتارة يكون حين الشكّ أيضا شاكّا في حصول الشرط كمن شكّ في الاستقبال وهو في السجود وهو شاكّ في الاستقبال حتّى في ذلك الحال ، ومعلوم حينئذ عدم جريان قاعدة الفراغ ، لأنّه بالنسبة إلى الجزء الخالي لم يصدق المضيّ ولا تجاوز المحلّ أصلا ، فلا تجري قاعدة الفراغ ولا قاعدة التجاوز ، فلا بدّ من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال أو استصحاب عدم الاستقبال لو كان له حالة سابقة ولا بدّ من إعادة الصلاة حينئذ.
ومن هنا يظهر الكلام في الفرع المعروف فيمن شكّ في الطهارة وهو في الصلاة وأنّه لا تجري في حقّه قاعدة الفراغ لعدم الفراغ من الصلاة ، ولا التجاوز لعدم تجاوز محلّ الطهارة ، لأنّ الفرض أنّها شرط لمجموع العمل ، وبالنسبة إلى الأجزاء الخالية لا تجري قاعدة التجاوز والفراغ لعدم التجاوز والفراغ.
وربّما يقال : إنّ الشرط الّذي هو الطهارة وهو أمر انتزاعي أو مسبّب عن الأفعال الخاصّة من الغسلات والمسحات لمّا كان ناشئا من هذه الغسلات والمسحات فجريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى هذه الغسلات والمسحات يحقّقها تعبّدا فيترتّب مسبّبها حينئذ قهرا.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.