وأمّا الصورة الثانية ـ وهي صورة الشكّ ـ فحكمها حكم مجهول الحال في كونه عالما بالحكم أو جاهلا ، وقد عرفت جريان السيرة العمليّة المتّصلة بزمان المعصوم عليهالسلام على إجراء أصالة الصحّة في حقّه.
وأمّا صورة العلم بالمخالفة فتارة تكون المخالفة بنحو المباينة كأن يكون رأي العامل وجوب الجهر بظهر الجمعة ورأي الشاكّ وجوب الإخفات ، واخرى تكون المخالفة بنحو التداخل كأن يكون رأي العامل عدم وجوب السورة في الصلاة ورأي الشاكّ وجوبها ، فإنّ العامل وإن لم ير وجوبها لكنّه قد يأتي بها ندبا أو احتياطا.
ففي الصورة الاولى ـ وهي صورة كون المخالفة بنحو المباينة ـ لا ريب في عدم استقرار السيرة العمليّة على إجراء أصالة الصحّة ، بل الظاهر أنّ إجراءها مناف لظهور حال المسلم وكونه في مقام الامتثال ، لأنّ أصالة الصحّة معناه أنّه أتى بما هو قبيح عنده ، فأصالة الصحّة الواقعيّة مناف لأصالة الصحّة بمعنى حمل فعله على الحسن.
وفي الصورة الثانية ـ وهي صورة كون الاختلاف بنحو المداخلة ـ إن لم يكن المحتمل فقده من الأجزاء والشرائط الواقعيّة فالعمل صحيح لا يحتاج إلى أصالة الصحّة لعموم : «لا تعاد الصلاة» (١) مثلا وشبهها. وإن كان أمرا واقعيّا وقد نحتمل أن تركه المصلّي مثلا لأنّه يرى عدم وجوبه لم يثبت أيضا استقرار السيرة على إجراء أصالة الصحّة ، فاستصحاب الفساد بمعنى عدم ترتّب الأثر بحاله لم يثبت الناقل عنه. ومن ثمّ يشكل الائتمام بمن لا يرى وجوب السورة لمن يرى وجوبها في غير هذه الأزمنة الّتي يقطع بإتيانه بها وإن ذهب إلى عدم الوجوب. نعم لو ثبت كفاية الصحّة عنده ـ أي عند الإمام ـ لصحّ الائتمام ، ودون اثباتها خرط القتاد ، فافهم.
الأمر الخامس : هل تجري أصالة الصحّة في مطلق عمل الغير إذا شكّ فيه ، سواء كان الشكّ فيه من جهة الشكّ في أركانه الّتي يأتلف منها أم في شرائطه ، أم يختصّ
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٦٠ ، الباب ٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨.