وأمّا إذا كان بينهما أي بين الخاصّين عموم وخصوص مطلق مثل أن يرد : «لا ضمان في العارية» (١). ثمّ يرد : «أنّ في عارية الدرهم والدينار ضمانا» (٢) ويرد : «أنّ في عارية الذهب والفضّة ضمانا» (٣). فهل يخصّص العامّ بالأخصّ أوّلا ثمّ تلحظ النسبة بينه بعد التخصيص وبين الخاصّ الآخر فتنقلب النسبة إلى العموم من وجه أو أنّه يخصّص بالخاصّ ، ويكون الأخصّ حينئذ داخلا في الخاصّ؟ الظاهر الثاني ، لعين ما تقدّم من كشف الخاصّ عن عدم تطابق الإرادة الاستعماليّة للإرادة الجدّية فيخصّص ذلك العموم بالخاصّ ، وحينئذ فالأخصّ من جملة مصاديق الخاصّ.
نعم ، ربّما يقال بأنّه أيّ وجه لتخصيص الدرهم والدينار بالذكر دون بقيّة الأفراد؟ ويجاب بأنّه ربّما يكون لخصوصيّة السؤال عنه أو لغير ذلك ككونه أكثر تداولا أو غير ذلك ، ولو سلّم انتفاؤها فالإشكال مبنيّ على القول بحجّية مفهوم اللقب أو الوصف الغير المعتمد وكلاهما باطلان ، نعم لو كان أحد الخاصّين كالأخصّ مثلا متّصلا بذلك العموم لانقلبت النسبة حينئذ قطعا لتقيّد موضوع عدم الضمان بغير الدرهم والدينار ، كأن يقول : لا ضمان في عارية غير الدرهم والدينار ، فالتخصيص بالذهب والفضّة ممّا يوجب كون النسبة هي العموم من وجه لاجتماعهما في الحليّ فيتساقطان ويرجع إلى دليل آخر.
ثمّ إنّ هذا الّذي ذكرناه من انقلاب النسبة إذا كان الأخصّ متّصلا إنّما هو مسلّم حيث لا عموم آخر غير مقيّد ، وأمّا إذا كان عموم آخر كأن يكون عندنا : لا ضمان في العارية وخبر آخر : «لا ضمان في عارية غير الدرهم والدينار» وخبر الثالث : «في عارية الذهب والفضّة ضمان» فقد وقع في المقام كلام لا بأس بالتعرّض له.
__________________
(١) انظر الوسائل ١٣ : ٢٣٥ ، الباب الأوّل من كتاب العارية ، الحديث ١ و ٢ و ٣ و ٦ و ٧ و ٨ و ١٠.
(٢ و ٣) انظر المصدر السابق : الباب ٣.