ذهب الميرزا النائيني إلى كون العامّ أيضا طرفا للمعارضة بوجهين :
الأوّل : أنّ العامّ الفوقاني يخصّص بالدرهم والدينار لاتّفاق الخاصّين على ضمانه فتنقلب النسبة حينئذ إلى العموم من وجه ، وحينئذ فيكون من صغريات ما إذا كان بين الخاصّين عموم من وجه فيخصّص العامّ بهما (١).
الثاني : أنّ أحد الخاصّين مبتلى بمعارضه فلا يكون مخصّصا فلا بدّ من كونه أحد أطراف المعارضة والعموم أحد أطرافها أيضا.
ولا يخفى عليك ما في كلامه قدسسره فإنّ ما ذكره من اندراجه تحت ما إذا كان بين الخاصّين عموم من وجه وتخصيص العامّ بكلا الخاصّين غير صحيح ، لأنّ ذلك إنّما هو في الخاصّين اللذين بينهما عموم من وجه ولا معارضة بينهما بحسب الحكم ، أمّا في المقام فالمعارضة بينهما بحسب الحكم في خصوص غير المسكوك فإنّ مقتضى قوله : «لا ضمان في عارية غير الدرهم والدينار» عدم الضمان في الحلي وقوله : «في عارية الذهب والفضّة ضمان» مقتضاه ثبوت الضمان في الحلي. فإذا كان بينهما معارضة بحسب الحكم فكيف يخصّص العموم بهما؟ بل لا بدّ من إعمال قواعد التعارض بالعموم من وجه بين الخاصّين نفسهما من التساقط في مورد الاجتماع المتنافي وهو الحليّ مع عدم المرجّح الدلالي ، فنرجع حينئذ إلى العموم وهو لا ضمان في العارية في مورد التنافي وهو الحليّ ، ومع عدم العموم فيرجع إلى الأصل العملي وهو البراءة ، ومع وجود المرجّح الدلالي أو الرجوع إلى المرجّحات السنديّة فيتقدّم ما هو الأرجح ويخصّص به العموم أو يرجع إليه دون الأصل إن لم يكن عموم.
وبالجملة ، إنّما يرجع إلى العموم في المخصّصات حيث إنّها أظهر دلالة مع فرض حجّيته فتكشف عن عدم تحقّق الإرادة الجدّية على طبق الإرادة الاستعماليّة ، ومع ابتلاء المخصّص بالمعارض يخرج عن الحجّية فكيف يخصّص به العامّ؟
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٤ : ٣٠٢.