في عدم قابليّته للتخصيص ، فإنّه مثل الكذب الّذي هو واجد لمقتضي القبح ، غير أنّه قد يقترن ذلك المقتضي بالمانع فلا يؤثّر القبح ، كالصلح بين المتباغضين المعبّر عنه بإصلاح ذات البين ، فكذا تأخير البيان فإنّه لمصلحة ما وإلّا فلا يمكن جميع التقييدات بالمقيّدات المنفصلة كلّية ، وهذا لا يلتزم به أحد من فقهاء الإماميّة.
وما ذكره ثانيا : من بقاء القليل موردا له ففيه : أنّ كثيرا من الأحكام غير موجودة في الكتاب ولا معلوم فيه رأي العامّة ولا معروفة الراوي بالأعدليّة وغيرها من صفاته فلا يلزم حينئذ قلّة المورد كما ادّعى.
نعم ، لو تسرّينا إلى مطلق المرجّح ولم نقتصر على خصوص المنصوص كان لما ذكره وجه وجيه.
الرابع : أنّ مورد روايات الترجيح هو الخصومات فلا يسري إلى غيرها ، مضافا إلى ضعفها.
والجواب : أنّ المقبولة وإن كانت في مورد رفع الخصومة إلّا أنّها بصراحتها دالّة على الترجيح في الرواية من حيث إنّها رواية لا من حيث إنّها واردة في موارد الخصومة كما هو واضح لمن لاحظها ، هذا كلّه مضافا إلى أنّ كثيرا من الروايات قد ذكرت موافقة الكتاب والسنّة فقط ، وبعضها اشتملت على ذكر مخالف العامّة أيضا ، وبعضها اقتصرت عليه فقط من دون تعرّض لخصومة فيها أصلا.
نعم ، أجمع الروايات على ذكر المرجّحات هما المقبولة (١) والمرفوعة (٢) وتقدّم المقبولة على المرفوعة في مورد الخلاف لما تقدّم ، فافهم.
ثمّ إنّه بعد أن ثبت لزوم الترجيح وعدم الرجوع إلى التخيير فيقع الكلام في مرجّحات الرواية وعددها فنقول :
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ٨٧ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٢) غوالي اللآلي ٤ : ١٣٣ ، الحديث ٢٢٩.