حجّية الخبر الواحد مع قطع النظر عن وجود المعارض وعدمه فالمخالفة فيه بمعنى المباينة ، وهذا بخلاف الموافقة والمخالفة هنا في باب المرجّحات ، فإنّ المراد منها الموافقة والمخالفة بالعموم والخصوص ، للقطع بصدور المخصّص والمقيّد لعموم الكتاب أو إطلاقه منهم عليهمالسلام.
فإذا ورد مثلا : «نهى النبي عن بيع الغرر» (١) وورد أيضا : «لا بأس ببيع الغرر» (٢) فتتقدّم الثانية لموافقتها ، لعموم (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٣) مثلا ، فافهم.
وأمّا ما ذكره في موافق العامّة ومخالفها فغريب جدّا من مثله ، إذ الموافق للعامّة من أين يقطع أو يطمئنّ بعدم صدوره أو ظهوره؟ أليس من المحتمل قويّا كون الموافق هو الصادر والمخالف غير صادر.
وبالجملة ، فما ذكره هنا واضح الضعف ، فافهم وتأمّل.
الثالث من الوجوه الّتي ذكرها الآخوند قدسسره (٤) إطلاق روايات التخيير الابتدائي وأنّ كون هذه الروايات مقيّدة لها يقتضي تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو قبيح ، مضافا إلى أنّ التقييد يوجب عدم المورد لروايات التخيير أو قلّته بنحو تقبح انتهاء التقييد إليه.
والجواب أنّ ما ذكره أوّلا ـ من لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة وقبحه ـ فهذا وارد في جميع المقيّدات المنفصلة وليس خاصّا في خصوص المقام ، والجواب عنه في الجميع واحد ، وهو أنّ تأخير البيان وإن كان قبيحا إلّا أنّه ليس نظير الظلم
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ٢ : ٤٦ ، الحديث ١٦٨ ، وفتح الباري ٤ : ٣٥٧.
(٢) انظر فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٤ : ٣٥٧ ، وفيه : روى الطبري عن ابن سيرين بإسناد صحيح قال : لا أعلم ببيع الغرر بأسا.
(٣) البقرة : ٢٧٥.
(٤) راجع الكفاية : ٥٠٣ ـ ٥٠٧.