وكيف كان ، فقد ذهب بعضهم إلى استحالته (١) وآخرون إلى إمكانه (٢) وآخرون إلى وجوبه ، ومنهم صاحب الكفاية قدسسره (٣) فإنّه ذهب إلى أنّ المجتهد المطلق يلزم أن يكون قبل كونه مجتهدا مطلقا متجزّيا ، لاستحالة الطفرة كما برهن عليه في علم الكلام (٤).
وربّما حمل الكلام في عبارة من عبّر به على الإمكان العامّ في قبال الاستحالة فلا ينافي الوجوب حينئذ. والظاهر إمكانه بالمعنى الأخصّ ، لإمكان أن يكون الإنسان قادرا على استنباط بعض المسائل لسهولتها دون البعض الآخر لغموضها وتعارض أدلّتها ، وتكون ملكة استنباط بعضها حاصلة دون ملكة استنباط البعض الآخر فإنّ لكلّ حكم ملكة لاستنباطه غير الملكة الاخرى ، وليس واجبا لإمكان أن يكون قادرا على استنباط جميع المسائل دفعة واحدة بفيض إلهي وإن كان الغالب خلافه ، بل جميع الاستنباطات الخارجيّة كذلك ، وخصوصا إذا فسّر الاجتهاد بأنّه استنباط الأحكام لا الملكة فإنّها تدريجيّة الحصول فلا بدّ من ترتّبها.
نعم ، ما ذكره الآخوند من أنّه واجب لاستحالة الطفرة غير تامّ ، فإنّ الطفرة إنّما هي في الأجزاء المترتّبة ولا ترتيب هنا ، إذ يجوز أن يجتهد في المسائل العقليّة قبل النقليّة لكثرة ممارسته لها دونها ويمكن العكس فليس من قبيل الطفرة ، فافهم.
__________________
(١) منهم صاحب المعالم في المعالم : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ ، وكاشف الغطاء في كشف الغطاء ١ : ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، وصاحب الفصول في الفصول : ٣٩٤.
(٢) منهم العلّامة في تهذيب الوصول : ٢٨٣ ، ومبادئ الوصول : ٢٤٣ ، والشهيد في الذكرى ١ : ٤٣.
(٣) انظر الكفاية : ٥٣٣.
(٤) انظر كشف المراد : ١٤٨.