«اجلس وأفت الناس في الكوفة فإنّي أحب أن يرى في أصحابي مثلك» (١). ومثل مفهوم قوله : «من أفتى بغير علم كان ما يفسده أكثر ممّا يصلحه» (٢). وغيرها (٣) ، ومثل إرجاع الأئمّة إلى آحاد أصحابهم (٤) ، وغيرها (٥).
فهذه كلّها تدلّ على جواز التقليد بل وجوبه التخييري حيث يتمكّن من الاحتياط ، وإلّا فالتعييني لأنّ عندنا واجبات قطعا يريدها الشارع ومحرّمات يريد تركها ، ومعرفة ذلك موقوفة على التقليد فيجب لذلك ، مضافا إلى دلالة آية النفر (٦). وغيرها (٧) ، وتقييدها بحصول العلم بعيد جدّا كما تقدّم.
فتلخّص ممّا ذكرنا جواز التقليد ويلزم جواز الأخذ بقوله ، إذ لا معنى للزوم التقليد وعدم جواز الأخذ إذ لا ثمرة له حينئذ.
وأمّا ما ورد من ذمّ التقليد (٨) فهو أجنبيّ عمّا نحن فيه :
أوّلا : لأنّه تقليد جهّال لجاهل.
__________________
(١) رجال ابن داود : ٩ ، نقلا عن النجاشي ولكنّ النجاشي قال (في مسجد المدينة) راجع رجال النجاشي : ١٠ ، أبان بن تغلب ، رقم ٧.
(٢) غوالي اللآلي ٤ : ٦٥ ، الحديث ٢٢.
(٣) راجع الوسائل ١٨ : ١٠ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.
(٤) راجع الوسائل ١٨ : ٩٨ ـ ١١٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، مثل الحديث ١٥ و ٢٧ و ٣٣ وغيره.
(٥) راجع أخبار الباب ١١ من أبواب صفات القاضي في المصدر السابق.
(٦) التوبة : ١٢٢.
(٧) مثل آية الذكر ، الأنبياء : ٧.
(٨) مثل الآية الكريمة : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) الزخرف : ٢٣ ، (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) الإسراء : ٣٦.