أيضا إن لم يقم إجماع على عدم لزوم الاحتياط كما هو الظاهر وإلّا فالتخيير. وإن احرز التساوي فالحيّ هو المقدّم لدوران الأمر بين التعيين والتخيير ، فافهم.
وخلاصة القول في جواز تقليد الميّت وعدمه مع العلم بالمخالفة بين الفتويين هو استقرار سيرة العقلاء على العمل بقول الميّت ابتداء واستدامة ، غير أنّ ظهور الآيات والروايات في اعتبار الصفات المذكورة من كونه ناظرا في حلالهم وحرامهم وعارفا بأحكامهم وكونه من أهل الذكر حال السؤال والاستفتاء فيخرج عن السيرة في التقليد الابتدائي لوجود الرادع لكنّه في التقليد الاستمراري لا رادع فيعمل بالسيرة لعدم الردع ، هذا بخلافه في الابتدائي لتحقّق الردع. ولو نوقش في إفادة هذه الأدلّة الردع فإنّ هناك رادعا آخر وهو الإجماع المدّعى ، وهو متحقّق لعدم نسبة الخلاف في المنع عن التقليد الابتدائي للميّت إلى أحد من المتقدّمين والمتأخّرين إلى زمان الشهيدين.
نعم ، أوّل من ذكر وجوب تقليد الميّت ابتداء المحدّث الأسترآبادي والكاشاني وصاحب القوانين من الاصوليّين ، ولكنّه لا خلاف فيمن تقدّمهم في عدم جواز تقليد الميّت مع أنّ كلام هذين المحدّثين محتمل لأن يكون التجويز في العمل بفتيا الميّت إنّما هو لزعمهم أنّ فتياه رواية ، ولا ريب في عدم اعتبار حياة الراوي في العمل بروايته ، لا أنّه تقليد ومع ذلك يجوز ، فلا يكون قولهم مخالفا في المسألة.
وممّا يؤيّد عدم جواز تقليد الميّت ابتداء أنّه لو جاز ذلك لوجب تقليد الأعلم من العلماء المتقدّمين والمتأخّرين ، ولا يبعد أن يكون هو الشهيد الأوّل قدسسره فيلزم كلّ من تأخّر عنه الرجوع إليه حتّى يظهر من هو أعلم منه فيعدل إليه. وهذا مقارب لمذهب العامّة في حصر العمل بمذاهبهم الأربعة وهو باطل قطعا فافهم.
بقي هنا امور :
أحدهما : أنّه هل يشترط في جواز البقاء على تقليد الميّت أن يكون العامّي عاملا بفتياه أم لا؟ ربّما يقال بالأوّل لأنّ التقليد هو العمل بفتيا الغير ، فإذا لم يعمل يكون تقليده للميّت ابتداء ، وهو باطل.