من باب الظنّ المطلق ولا يرى جواز الاحتياط (١) إلّا أنّ الميرزا قدسسره ذكر أنّه لا تعجّب في ذلك على القول بالحكومة ، فإنّها مبنيّة على حرمة الاحتياط. نعم على القول بالكشف التعجّب بمحلّه ، إذ أنّه مبني على عدم لزوم الاحتياط لا عدم جوازه (٢).
وملخّص القول في ذلك : أنّ الظنّ الانسدادي بعد أن علمنا بتكليفنا وإنّا لسنا كالبهائم ، والعلم الإجمالي بالتكاليف وأن لا طريق إلّا الظنّ أو القرعة أو البراءة أو الاحتياط إلى تحصيلها ، وأنّ البراءة موجبة للخروج من الدين والقرعة لا يمكن جريانها ، وأنّ الاحتياط غير جائز أو غير واجب ، فإن قلنا بأنّه غير جائز للزوم الجزم بالنيّة فلا يبقى طريق للامتثال إلّا الظنّ ، فحيث إنّ الشارع يريد أوامره والتكليف بغير المقدور محال فلا بدّ من جعله الظنّ حجّة فنكتشف أنّ الشارع جعل الظنّ حجّة. وحينئذ فالظنّ بحكم الظنّ الخاصّ في جواز الامتثال الإجمالي كما اخترناه ، بل هو ظنّ خاصّ إلّا أنّه اكتشف بدليل عقلي غير أدلّة خبر الواحد مثلا ، وقد ذكرنا جواز الامتثال الإجمالي مع التمكّن من الامتثال الظنّي التفصيلي إذا كان الظنّ ظنّا خاصّا ، فالمقام منه وإن خالف الميرزا النائيني في الموردين فلم يجوّز الاحتياط فيه لزعمه تقدّم الامتثال التفصيلي على الإجمالي رتبة كما تقدّم ، فتعجّب الشيخ هنا في غير محلّه.
وإن قلنا بأنّ الاحتياط غير واجب وهو جائز ، وحينئذ فحيث إنّه يؤدّي إلى العسر والحرج أو للإجماع على عدم وجوب الاحتياط الكلّي فلا بدّ من الاقتصار على بعض الأطراف وهو الاحتياط في المظنونات ، لأنّ العقل يحكم بحسن الاحتياط في المظنونات وترك الاحتياط في المشكوكات والمحتملات وبقبح الاحتياط في المشكوكات والمحتملات وترك الاحتياط في المظنونات لأنّه ترجيح
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٧٣.
(٢) انظر فوائد الاصول ٣ : ٧١.