أمّا عموم جزئيّته لحال الغفلة ، فلأنّ الغفلة لا توجب تغيّر المأمور به ، فإنّ المخاطب بالصلاة مع السورة إذا غفل عن السورة في الأثناء لم يتغيّر الأمر المتوجّه إليه قبل الغفلة ولم يحدث بالنسبة إليه من الشارع أمر آخر حين الغفلة ، لأنّه غافل عن غفلته.
فالصلاة المأتي بها من غير سورة غير مأمور بها بأمر أصلا ، غاية الأمر عدم توجّه الأمر الفعلي بالصلاة مع السورة إليه ، لاستحالة تكليف الغافل ، فالتكليف ساقط عنه ما دامت الغفلة ، نظير من غفل عن الصلاة رأسا أو نام عنها ، فإذا التفت إليها والوقت باق وجب عليه الإتيان بها بمقتضى الأمر الأوّل.
____________________________________
ينتفي المركّب بانتفائه ونقصه ، فهذا المشكوك ما ينتفي المركّب بانتفائه وهو معنى فساده.
فالحاصل هو بطلان العبادة بترك الجزء سهوا ، وهو المطلوب في المقام ، والكلام هنا يتمّ في صدق الصغرى وإيجابها وكليّة الكبرى وصدقها.
فنقول : أمّا صدق الصغرى فهو معلوم ؛ لأنّ الشكّ في ركنيّة شيء يكون بعد الفرض والعلم بجزئيّته للعبادة حال العمد ، وأمّا صدق الكبرى وكلّيتها فهو محتاج إلى البيان والكلام ، وقد أشار قدسسره إليه بقوله : (أمّا عموم جزئيّته لحال الغفلة ، فلأنّ الغفلة لا توجب تغيّر المأمور به) بأن يصير المأمور به في حقّ الغافل بها غير المأمور به في حقّ الذاكر ، بمعنى أنّ الواجب في حقّ الأوّل هي الصلاة بلا سورة وفي حقّ الثاني هي الصلاة معها.
وذلك لأنّه لا يمكن أن يكون المأمور به في حقّ الغافل غير ما هو المأمور به في حقّ الذاكر ، لكونه مبنيا على أمر جديد متعلّق بالصلاة بلا سورة ، ومتوجّه إلى الغافل بعنوان كونه غافلا ، ومن المعلوم بل والبديهي هو عدم إمكان خطاب الغافل حال الغفلة بعنوان كونه غافلا ، إذ بمجرّد الخطاب المذكور يزول عنوان الغفلة ويصير ذاكرا ، فكيف يمكن أن يكون الواجب في حقّه هي الصلاة بلا سورة؟!.
فحينئذ يجب أن يكون المأمور به في حقّه ما هو المأمور به في حقّ الذاكر بعينه ، فما أتى به من الصلاة من دون سورة لم يكن مأمورا به أصلا ، لا بالأمر الأوّل لتعلّقه بالصلاة مع السورة ، ولا بالأمر الجديد لما تقدّم من عدم إمكانه.
فالحاصل هو كلّ ما هو جزء حال العمد والالتفات يكون جزء حال الغفلة والسهو والنسيان ، وهو المطلوب.