أمّا الأوّل فالأقوى فيه الصحة ، بناء على عدم اعتبار نيّة الوجه في العمل ، والكلام في ذلك قد حرّرناه في «الفقه» في نيّة الوضوء.
نعم ، لو شكّ في اعتبارها ، ولم يقم دليل معتبر من شرع أو عرف حاكم بتحقّق الإطاعة بدونها ، كان مقتضى الاحتياط اللازم الحكم بعدم الاكتفاء بعبادة الجاهل ، حتى على المختار من إجراء البراءة في الشكّ في الشرطيّة.
____________________________________
(أمّا الأوّل فالأقوى فيه الصحة ، بناء على عدم اعتبار نيّة الوجه في العمل).
والمصنّف قدسسره ممّن لا يرى اعتبار قصد الوجه ، فيصح العمل بالاحتياط عنده ، لأنّ العقل والعقلاء يحكمان بحصول الامتثال به ، ولم يثبت المنع شرعا عن سلوك الطريق العقلائي المذكور.
نعم ، لو شكّ في حصول الإطاعة بالاحتياط من جهة الشكّ في اعتبار نيّة الوجه كان مقتضى الاحتياط هو ترك الاحتياط ، والامتثال التفصيلي بالاجتهاد أو التقليد مع نيّة الوجه ، كما أشار إليه قدسسره بقوله :
(نعم ، لو شكّ في اعتبارها ، ولم يقم دليل معتبر من شرع أو عرف حاكم بتحقّق الإطاعة بدونها ، كان مقتضى الاحتياط اللازم الحكم بعدم الاكتفاء بعبادة الجاهل) العامل بالاحتياط ، بل الاحتياط في ترك الاحتياط والعمل بالاجتهاد أو التقليد مع نيّة الوجه ؛ لأنّ الشكّ في اعتبارها يرجع إلى الشكّ في حصول الإطاعة بدونها ، ومع الشكّ في حصول الإطاعة يجب الاحتياط ، بأن يأتي بالواجب على وجه يحصل القطع بحصولها الموجب للخروج عن عهدة التكليف.
وبالجملة ، إنّه يجب الاحتياط بالمعنى المذكور في الشكّ في حصول الإطاعة والامتثال (حتى على المختار من إجراء البراءة في الشكّ في الشرطيّة) ؛ وذلك للفرق بين شرائط المأمور به وشرائط امتثال الأمر ، حيث يجب الاحتياط في الثاني دون الأوّل.
ثمّ إنّ اعتبار قصد الوجه من شرائط امتثال الأمر ، لا من شرائط المأمور به ، بل لا يمكن أن يكون من شرائط المأمور به للزوم الدور ؛ لأنّ قصد الوجه يكون من آثار الأمر ، فيكون متأخرا عن تعلّق الأمر بالمأمور به ، ومتوقفا على الأمر ، فكيف يعقل أن يكون من شرائط المأمور به؟ حيث يكون الأمر متوقفا عليه من باب توقف الحكم على متعلّقه.