بل يمكن أن يجعل هذان الاتفاقان المحكيّان من أهل المعقول والمنقول المعتضدان بالشهرة العظيمة دليلا في المسألة ، فضلا عن كونهما منشأ للشكّ الملزم للاحتياط ، كما ذكرنا.
____________________________________
بطلانها بالإجماع في مقابل أخيه السيّد المرتضى رحمهالله.
فسئل أخاه وقال : إنّ الإجماع واقع على أنّ من صلّى صلاة لا يعلم أحكامها ، فهي باطلة وغير مجزية ، والجهل بعدد الركعات جهل بأحكامها ، فلا تكون صلاة الجاهل بوجوب القصر تماما مجزية.
وقد قرّر أخوه السيّد المرتضى قدسسره له هذا السؤال ، إلّا أنّه أجاب بخروج صلاة الجاهل في الموضعين المذكورين بالنصّ عن الإجماع المذكور.
فالمستفاد من كلام السيّد الرضي قدسسره وتقرير أخيه له ، هو الإجماع على بطلان صلاة الجاهل الصادق على العامل بالاحتياط في المقام ، ويؤيّده نقل الاتفاق أو الشهرة على أنّ عبادة تارك طريقي الاجتهاد والتقليد باطلة.
(بل يمكن أن يجعل هذان الاتفاقان المحكيّان من أهل المعقول) ، أي : المتكلمين ، كما عرفت إجماعهم على وجوب إتيان الواجب لوجوبه (والمنقول) كالإجماع المتقدّم في كلام السيّد الرضي قدسسره (المعتضدان بالشهرة العظيمة دليلا في المسألة ، فضلا عن كونها منشأ للشكّ الملزم للاحتياط) ، أي : الموجب للاحتياط(كما ذكرنا) وتقدّم ذكره في قوله :
(نعم ، لو شكّ في اعتبارها ، ولم يقم دليل معتبر من شرع أو عرف حاكم بتحقّق الإطاعة بدونها ، كان مقتضى الاحتياط اللازم الحكم بعدم الاكتفاء بعبادة الجاهل).
والمتحصّل أنّ مقتضى الإجماعين المذكورين هو بطلان عمل الجاهل العامل بالاحتياط ، فيجب العمل بالاجتهاد أو التقليد.
إلّا أن يقال بعدم جواز التمسّك بالإجماع في المقام ؛ وذلك لأنّ الإجماع منقول وهو غير حجّة ، وعلى فرض اعتباره يكون اعتباره مشروطا بأن يكون كاشفا عن قول المعصوم عليهالسلام ، وذلك بأن لا تكون المسألة التي قام فيها الإجماع عقليّة ، والمسألة في المقام عقليّة ، لكونها راجعة إلى كيفيّة الإطاعة ، فالمدرك فيها منحصر في العقل ، فلا يكون الإجماع فيها كاشفا عن قول الإمام عليهالسلام حتى يكون حجّة. هذا تمام الكلام فيما لم يتوقّف الاحتياط على التكرار.