الرابع : إنّ العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام في المقام ، الذي نظيره في العرفيّات ما إذا ورد من يدّعي الرسالة من المولى ، وأتى بطومار يدّعي أنّ الناظر فيه يطّلع على صدق دعواه أو كذبها ، فتأمّل.
____________________________________
والمستفاد من هذه الرواية هو وجوب الفحص عن الحقّ ثمّ الأخذ به.
(الرابع : إنّ العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام ... إلى آخره) وما ذكره المصنّف قدسسره من حكم العقل بعدم معذوريّة الجاهل القادر على الاستعلام يتّضح بعد ذكر مقدّمة وهي :
إنّ بناء الشارع على تبليغ الأحكام وطريقة بيانها للمكلّفين يكون على الوجه المتعارف ، بأن يجعلها في معرض الوصول إليهم لا على الوجه الغير المتعارف ، بأن يفيض العلم بالأحكام على قلوبهم بالإلهام ونحوه.
ومن هذه المقدّمة يتّضح لك أنّ وظيفة المكلّفين والعبيد عقلا هو الفحص عن أحكام المولى في مظانّ وجودها ، ولو من باب وجوب دفع الضّرر المحتمل ، فلو أجرى العبد البراءة بدون الفحص لخرج عن أداء وظيفة العبوديّة.
وبالجملة ، إنّ العقل يحكم بوجوب الفحص فيما احتمل وجود الحكم الإلزامي قبل أن يجري البراءة ، وبذلك يكون طريق العلم بالأحكام منحصرا في الفحص عنها ، وكذلك طريق العلم بصدق الرسل منحصرا في الفحص ، حتى يعلم صدق دعوى من يدّعي الرسالة.
(أو كذبها ، فتأمّل) لعلّه إشارة إلى الفرق بين مسألة الطومار والمقام ، من حيث إنّ النظر في الطومار يوجب القطع غالبا أو دائما بصدق مدّعي الرسالة من المولى أو بكذبه ، فلا يبقى بعد النظر شكّ حتى يجري أصل البراءة.
بخلاف الفحص عن الدليل الاجتهادي في المقام ، إذ كثيرا ما لا يحصل له من النظر والفحص شيء ، فيحتاج إلى الرجوع إلى أصل البراءة ، لكنّ هذا المقدار من الفرق لا يوجب عدم حسن التشبيه ، إذ الغرض منه كون الفحص هنا واجبا ، مثل النظر هناك من جهة احتمال الضّرر مع عدم الفحص والنظر ووجوب دفعه ، كما في شرح التنكابني.
ثمّ ذكر الفرق بين مسألة النبوة والمقام من شيخه ، حيث جعل الفرق من وجوه ثلاثة