والنقل الدالّ على البراءة في الشبهة الحكميّة معارض بما تقدّم من الأخبار الدالّة على وجوب الاحتياط حتى يسأل عن الواقعة ، كما في صحيحة (١) عبد الرحمن المتقدّمة ، وما دلّ على وجوب التوقف بناء على الجمع بينها وبين أدلّة البراءة ، بحملها على صورة التمكّن من إزالة الشبهة.
____________________________________
وجها للتأمّل.
أحدها : حصول العلم بعد النظر بصدق المدّعي بإظهار المعجزة وكذبه بعجزه عنه بخلاف المقام.
وثانيها : عدم إمكان الوجوب الشرعي للنظر ، بخلاف المقام في الأحكام الشرعيّة ، ومن هنا استدلّ له بالأدلّة السمعيّة.
ثالثها : إنّه كثيرا ما يحصل العلم بالفروع من الضرورة ونحوها من الأسباب القهريّة ، من دون إعمال قوة نظريّة أو الفحص عن الحكم.
وهذا بخلاف مسألة النبوة ، فإنّ طريقها منحصر في الإعجاز ، إلى أن قال : إنّ التأمّل في المقام ، يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ الفرق بين المقام ومسألة الطومار وإن كان واضحا ، ولكن الغرض التشبيه بينهما من جهة كون مبنى كلا الحكمين هو وجوب دفع الضّرر المحتمل ، فحينئذ يكون التأمّل تأمّل تدقيق لا تأمّل تمريض ، فتأمّل!!.
وكيف كان ، فالأولى ما أفاده الاستاذ الاعتمادي في وجه التأمّل ، حيث قال : إنّ المقامين متشابهان في انحصار طريق العلم في الفحص ، فيستقل العقل فيهما بعدم معذوريّة الجاهل المقصّر ، وإن كان بينهما فرق من جهة أنّ الفحص في باب الرسالة ينتج القطع بالصدق أو الكذب وفي الأحكام ربّما يبقى الشكّ فتجري البراءة ، وأنّ الفحص في الأحكام واجب شرعا أيضا ، وفي الرسالة عقلا فقط للزوم الدور.
(والنقل الدالّ على البراءة في الشبهة الحكميّة معارض بما تقدّم من الأخبار الدالّة على وجوب الاحتياط ... إلى آخره).
فإنّ الجمع بينهما يقتضي حمل أخبار الاحتياط والتوقّف على صورة تمكّن المكلّف
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩١ / ١ ، الوسائل ٢٧ : ١٥٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ١.