ونظيره من ترك قطع المسافة في آخر أزمنة الإمكان ، حيث إنّه يستحقّ أن يعاقب عليه ، لإفضائه إلى ترك أفعال الحجّ في أيّامها ، ولا يتوقف استحقاق عقابه على حضور زمان أيّام الحجّ وأفعاله.
وحينئذ : فإن أراد المشهور توجّه النهي إلى الغافل حين غفلته ، فلا ريب في قبحه.
____________________________________
فيقبح توجّه النهي إليه فلا يستحق العقاب على مخالفته ، وإنّما يستحق العقاب على النهي المتوجّه إليه حين الالتفات ، وبذلك لا يكون استحقاقه إلّا حين ترك المقدّمة.
نعم ، يتحقّق كاشف هذا الاستحقاق حين ترك ذي المقدّمة ، ولازم هذا هو صحّة عمل الغافل وكذلك الجاهل بالجهل المركّب ؛ لأنّه حين العمل لم يتوجّه إليه نهي لكي يقتضي فساده ، ومجرّد ثبوت ملاك النهي ـ أعني : المبغوضيّة الواقعيّة ـ غير كاف في الحكم بالفساد ، ولذا حكموا بصحّة صلاة من توسط أرضا مغصوبة في حال الخروج عنها.
وكيف كان فاستحقاق العقاب في المقام إنّما هو على مخالفة الواقع ، كما عليه المشهور ، إلّا أنّ هذا الاستحقاق يحصل في زمان ترك المقدّمة ، وهو تعلّم الأحكام في المقام.
(ونظيره من ترك قطع المسافة في آخر أزمنة الإمكان ، حيث إنّه يستحقّ أن يعاقب عليه) ، أي : على ترك الواجب فيما بعد ، إلّا أنّ استحقاقه للعقاب يكون حين ترك المقدّمة ، وهو قطع المسافة لإفضاء ترك قطع المسافة (إلى ترك أفعال الحجّ في أيّامها).
هذا إذا عرفت هذه الامور يتّضح لك أنّ كلام صاحب المدارك قدسسره صريح في العقاب على ترك التعلّم ، فيكون كلامه مخالفا للمشهور ، إلّا أنّه قد تقدّم توجيه كلامه بحيث يمكن توافقه للمشهور.
(وحينئذ) ، أي : حين إمكان إرادة صاحب المدارك قدسسره ومن تبعه ما ذكر في التوجيه ، (فإن أراد المشهور توجّه النهي إلى الغافل حين غفلته ، فلا ريب في قبحه).
وحاصل كلام المصنّف قدسسره في المقام ، هو أنّ في كلام المشهور أيضا ثلاثة احتمالات كما في شرح الأستاذ الاعتمادي :
أحدها : توجّه النهي إلى الجاهل المقصّر حين المخالفة كالعامد.
وفيه : أنّ توجّهه إلى الغافل قبيح ، وإن لم يقبح توجّهه إلى الجاهل البسيط.