وجوب واقعي وكان الطريق الظاهري نافيا ، فلأنّ المفروض عدم التمكّن من الوصول إلى الواقع ، فالمتضمّن للتكليف متعذّر الوصول إليه ، والذي يمكن الوصول إليه ناف للتكليف.
والأقوى هو الأوّل ، ويظهر وجهه بالتأمّل في الوجوه الأربعة.
وحاصله : إنّ التكليف الثابت في الواقع وإن فرض تعذّر الوصول إليه تفصيلا ، إلّا أنّه لا مانع من العقاب بعد كون المكلّف محتملا له قادرا عليه غير مطّلع على طريق شرعي ينفيه ، ولا واجدا لدليل يؤمن من العقاب عليه مع بقاء تردّده ، وهو العقل والنقل الدالان على براءة الذمّة بعد الفحص والعجز عن الوصول إليه ، وإن احتمل التكليف وتردّد فيه.
أمّا إذا لم يكن التكليف ثابتا في الواقع ، فلا مقتضي للعقاب من حيث الخطابات
____________________________________
لكون الطريق مخالفا له.
(والأقوى هو الأوّل ، ويظهر وجهه بالتأمّل في الوجوه الأربعة) ؛ لأنّ مقتضى التأمّل في المقام هو أنّ المجعول أوّلا في حقّ جميع المكلّفين هو الأحكام الأوّليّة التي هي تابعة للمصالح والمفاسد ، ومؤدّى الطرق الظاهريّة غير مجعول من حيث هو في مقابل الواقع ، بل إنّما هو مجعول من حيث إنّه طريق إليه ومرآة له ، فإذا كان مخالفا له لم يترتّب شيء عليه.
وحاصل ترجيح الوجه الأوّل كما في بحر الفوائد ، هو تنجّز التكليف بالواجب والحرام الواقعيين في حقّ الجاهل في مفروض البحث ، وعدم المانع من تنجّزه أصلا ، إذ ليس إلّا عدم الاطّلاع عليه بعد الفحص ، وقد عرفت أنّه لا يصلح للمانعيّة بعد فرض قدرة المكلّف على الامتثال ولو بالاحتياط ، والمفروض أيضا عدم فحصه عن الواقع وسلوكه لطريق معتبر بنفسه حتى يكون معذورا في حكم العقل. هذا إذا كان التكليف الإلزامي ثابتا في الواقع ، وأمّا إذا لم يكن ثابتا في الواقع وكان هناك طريق يقتضيه ، فلا مقتضي للعقاب أصلا.
أمّا على الواقع ؛ فلأنّه ليس هناك إلزام على ما يقتضيه الفرض.
وأمّا على الطريق ؛ فلأنّ مفاده وإن كان هو الحكم الإلزامي إلّا أنّه لا يؤثر في العقاب من حيث كون الأمر المتعلّق به إرشاديا ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(أمّا إذا لم يكن التكليف ثابتا في الواقع ، فلا مقتضي للعقاب من حيث الخطابات