تلك الموارد سقوط الأمر الواقعي وثبوت الأمر بالبدل ، فتأمّل.
والثالث : بما ذكره كاشف الغطاء رحمهالله من أنّ التكليف بالإتمام مرتّب على معصية الشارع بترك القصر ، فقد كلّفه بالقصر والإتمام على تقدير معصية في التكليف بالقصر.
____________________________________
(والموارد التي قام فيها غير الواجب مقام الواجب) كالمركّب الفاقد للجزء في موارد ترك الجزء سهوا مقام الواجب وهو المركّب الواجد للجزء ، حيث يكون قيام غير الواجب مقام الواجب على نحو البدليّة ، فيسقط الواجب الواقعي بعد الإتيان ببدله المأمور به.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى عدم إمكان البدليّة في المقام ؛ لأنّ الغافل غير قابل للخطاب أصلا لا بالبدل ولا بالمبدل ، فالحكم بكفاية ما أتى به الغافل لا يكون إلّا من باب مجرّد إسقاط الإعادة والقضاء.
أو هو إشارة إلى منع تعلّق الأمر بالبدل في كلّ مورد ؛ لأنّ الفعل الاضطراري قد يسقط عن الواجب ، بل فعل الغير ـ أيضا ـ قد يسقط عنه ، كما إذا وجب غسل الثوب للصلاة فألقته الريح في الماء وانغسل بنفسه ، كما في الأوثق.
أو إشارة إلى أنّ مسقط الواجب قد لا يكون مأمورا به ، كالسفر المباح المسقط لوجوب الصوم مع عدم الأمر به قطعا.
وكيف كان ، فقد أشار المصنّف قدسسره إلى الأمر الثالث في دفع الإشكال المذكور بقوله :
(والثالث : بما ذكره كاشف الغطاء رحمهالله من أنّ التكليف بالإتمام مرتّب على معصية الشارع بترك القصر).
وملخّص تقريب الترتّب أنّ وجوب كلّ من القصر والإتمام غير جائز إذا كان على نحو التقارن ، بأن يكون الأمر بهما في مرتبة واحدة ؛ لأنّ الأمر بالضدين في آن واحد ومرتبة واحدة محال.
وأمّا إذا كان على نحو الترتّب ، بأن كان التكليف بالإتمام مترتّبا على ترك الأمر بالقصر ، بمعنى أنّ المكلّف يكون مأمورا أوّلا بالقصر ثمّ بالتمام على تقدير عصيانه للأمر بالقصر ، بأن يقول الشارع مثلا : قصّر وإن عصيت فأتمم ، فلا مانع منه ، إذ لا يمتنع عند العقل أن يقول المولى لعبده : أوجبت عليك الكون على سطح الدار ، ولكن لو خالفته بالعصيان ، فأوجبت عليك الكون في الغرفة الفلانيّة.