وإن استلزم وجوب الحجّ ، ولم يحكم بنجاسة الماء مع جريان أصالة عدم الكرّيّة ، جمعا بينها وبين أصالة طهارة الماء ، ولم يعرف وجه فرق بينهما أصلا.
ثمّ إنّ مورد الشكّ في البلوغ كرّا الماء المسبوق بعدم الكرّيّة. وأمّا المسبوق بالكرّيّة ، فالشكّ في نقصانه من الكرّيّة ، والأصل هنا بقاؤها. ولو لم يكن مسبوقا بحال ، ففي الرجوع
____________________________________
(وقد فرّق بينهما) ، أي : بين أصالة بلوغ الماء الملاقي للنجاسة كرّا وبين أصالة البراءة من الدين (المحقّق القمّي رحمهالله ، حيث اعترف بأنّه لا مانع من إجراء البراءة في الدين وإن استلزم وجوب الحجّ ، ولم يحكم بنجاسة الماء مع جريان أصالة عدم الكرّيّة ، جمعا بينها وبين أصالة طهارة الماء).
وحاصل الفرق المذكور ، كما في التنكابني وشرح الاستاذ الاعتمادي ، هو إجراء البراءة من الدين والحكم بوجوب الحجّ في المثال الثاني ، وإجراء أصالة عدم بلوغ الكرّيّة في المثال الأوّل ، إلّا أنّه لم يحكم بنجاسة الماء والاجتناب عمّا لاقاه ، لمعارضته باستصحاب طهارة الماء وطهارة الملاقي ، بل جمع بين أصالة عدم البلوغ وأصالة الطهارة ، حيث حكم بعدم جواز غسل الثوب النجس بالماء بمقتضى أصالة عدم الكرّيّة وبعدم وجوب الاجتناب عنه ووجوب التوضؤ به ، فلا يجوز التيمّم بمقتضى أصالة الطهارة.
ومن هنا يظهر أنّ ما ذكره الاستاذ الاعتمادي في وجه الجمع بين الأصلين ـ من جواز غسل الثوب النجس به ، لأنّه أثر طهارة الماء ، وعدم جواز إدخاله فيه ، لأنّه أثر عدم الكرّيّة ـ لا يرجع إلى محصّل صحيح ، فتأمّل. هذا تمام الكلام في الفرق بين الأصلين.
ثمّ يردّ المصنّف قدسسره هذا الفرق بقوله :
(ولم يعرف وجه فرق بينهما أصلا).
لأنّه فرّق بين شيئين لا فرق بينهما ، هذا مع عدم الحاجة إلى الجمع المذكور ، لعدم التعارض بين الأصل السببي والمسبّبي.
(ثمّ إنّ مورد الشكّ في البلوغ كرّا الماء المسبوق بعدم الكرّيّة) لما عرفت في المثال السابق من أنّه مجرى أصالة عدم البلوغ ، ثمّ الحكم بتنجّس الماء المسبوق بعدم الكرّيّة.
(وأمّا المسبوق بالكرّيّة فالشكّ في نقصانه من الكرّيّة) ، أي : الشكّ المتصوّر في الماء المسبوق بالكرّيّة هو الشكّ في نقصانه بعد أخذ مقدار الماء منه ، ومقتضى (الأصل هنا