وقد يدفع : بأنّ العمومات الجاعلة للأحكام إنّما تكشف عن المصلحة في نفس الحكم ولو في غير مورد الضرر. وهذه المصلحة لا يتدارك بها الضرر الموجود في مورده ، فإنّ الأمر بالحجّ والصلاة ـ مثلا ـ يدلّ على عوض ولو مع عدم الضرر ، ففي مورد الضرر لا علم بوجود ما يقابل الضرر.
وهذا الدفع أشنع من أصل التوهّم ، لأنّه إن سلّم عموم الأمر بصورة الضرر ، كشف عن وجود مصلحة يتدارك بها الضرر في هذا المورد ، مع أنّه يكفي ـ حينئذ ـ في تدارك الضرر
____________________________________
ودفع التوهّم المذكور والجواب عنه بغير ما ذكرناه من الدفع ، والجواب يكون أشنع فسادا من أصل التوهّم ، وقد أشار المصنّف قدسسره إلى الجواب الثاني الفاسد بقوله :
(وقد يدفع بأنّ العمومات الجاعلة للأحكام إنّما تكشف عن المصلحة في نفس الحكم ولو في غير مورد الضرر ... إلى آخره).
والدافع هو الفاضل النراقي قدسسره في العوائد.
وحاصل الدفع ، هو أنّ غاية ما يلزم من الأمر على وجه العموم أو الإطلاق هو كشفه عن وجود مصلحة في الطبيعة التي تعلّق بها ، وهذه المصلحة لم تلاحظ في مقابل الضرر الحاصل من خصوصيّات بعض أفراد تلك الطبيعة ، كالوضوء في البرد الشديد مثلا ، وبذلك لا تصلح المصلحة في نفس الطبيعة لتدارك الضرر الحاصل من الأفراد ، بل تداركه يحتاج إلى وجود مصلحة زائدة على المصلحة في نفس الطبيعة ، وهي غير معلومة ولا مظنونة ، فكيف يقال بتداركه بها ثمّ الحكم بتقديم الأدلّة على القاعدة؟! ، بل لا بدّ من الحكم بتقديم القاعدة عليها. هذا ملخّص الدفع الوارد في العوائد.
وردّه المصنّف قدسسره حيث قال :
(وهذا الدفع أشنع من أصل التوهّم).
أي : هذا الجواب أشنع فسادا من أصل التوهّم الذي عرفت فساده من جهة الشواهد الكثيرة الدالّة على حكومة القاعدة على سائر الأدلّة ؛ (لأنّه إن سلّم عموم الأمر) كالأمر بالوضوء مثلا(بصورة الضرر ، كشف عن وجود مصلحة يتدارك بها الضرر في هذا المورد) قطعا ، إذ لا معنى ـ حينئذ ـ للأمر لو لم يتدارك الضرر بالمصلحة ، كما أنّ الأوامر المتعلّقة بالموضوعات الضرريّة ، كالخمس والجهاد ، والقصاص ، تكشف عن وجود مصلحة فيها ،